ثم يضيف تعالى قائلاً : (وَرَحْمَتِى وَسِعَتْ كُلَّ شَىْءٍ).
إنّ هذه الرحمة الواسعة يمكن أن تكون إشارة إلى أنواع الرحمة المادية والمعنوية ، لأنّ النعم المعنوية لا تختص بقوم دون قوم ، وإن كان لها شرائط تتوفر لدى الجميع.
ولكن حتى لا يظن أحد أنّ قبول التوبة ، أو سعة الرحمة الإلهية وشموليتها ، غير مقيدة وغير مشروطة ، ومن دون حساب أو كتاب ، يضيف في ختام الآية : سرعان ما أكتب رحمتي للذين تتوفر فيهم ثلاثة أمور : اتقوا ، وآتوا الزكاة ، وآمنوا بآياتي (فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَوةَ وَالَّذِينَ هُم بَايَاتِنَا يُؤْمِنُونَ).
«التقوى» : إشارة إلى إجتناب كل معصية وإثم.
«الزكاة» : مرادة هنا بمعناها الواسع ، وحسب الحديث المعروف «لكل شيء زكاة» يشمل جميع الأعمال الصالحة والطيبة.
(الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوباً عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلَالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ أُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) (١٥٧)
اتبعوا هذا النبي : هذه الآية تكمل الآية السابقة التي تحدثت عن صفات الذين تشملهم الرحمة الإلهية الواسعة ، أي من تتوفر فيهم الصفات الثلاث : التقوى ، وأداء الزكاة ، والإيمان بآيات الله. وفي هذه الآية يذكر صفات اخرى لهم من باب التوضيح ، وهي اتباع الرسول الأعظم صلىاللهعليهوآله لأنّ الإيمان بالله غير قابل للفصل عن الإيمان بالنبي صلىاللهعليهوآله وإتباع دينه ، ولهذا يقول تعالى : (الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ).
ثم يبين ست صفات لهذا الرسول مضافاً إلى مقام الرسالة :
١ ـ أنّه نبيّ الله (النَّبِىَّ).
والنبي يطلق على كل من يبين رسالة الله إلى الناس ، ويوحى إليه وإن لم يكن مكلّفاً بالدعوة والتبليغ ، ولكن الرسول مضافاً إلى كونه نبياً ـ مكلف بالدعوة إلى دين الله ، وتبليغه والإستقامة في هذا السبيل.