الآية التالية تشير إلى هدف آخر من أخذ هذا العهد ، وهو أنّ الله تعالى إنّما أخذ هذا العهد من ذرية بني آدم لئلا يعتذروا (أَوْ تَقُولُوا إِنَّمَا أَشْرَكَءَابَاؤُنَا مِن قَبْلُ وَكُنَّا ذُرّيَّةً مّن بَعْدِهِمْ أَفَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ الْمُبْطِلُونَ).
أجل ... (وَكَذلِكَ نُفَصّلُ الْأَيَاتِ وَلَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ).
إنّ المراد من هذا العالم وهذا العهد هو عالم الإستعداد «والكفاءات» و «عهد الفطرة» والتكوين والخلق. فعند خروج أبناء آدم من أصلاب آبائهم إلى أرحام الامهات ، وهم نطف لا تعدو الذرات الصغار ، وهبهم الله الإستعداد لتقبل الحقيقة التوحيدية ، وأودع ذلك السرّ الإلهي في ذاتهم وفطرتهم بصورة إحساس داخلي ... كما أودعه في عقولهم وأفكارهم بشكل حقيقة واعية بنفسها. فبناءً على هذا ، فإنّ جميع أبناء البشر يحملون روح التوحيد ، وما أخذه الله من عهد منهم أو سؤاله إيّاهم : ألست بربّكم؟ كان بلسان التكوين والخلق ، وما أجابوه كان باللسان ذاته.
(وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا فَانْسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنَ الْغَاوِينَ (١٧٥) وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا وَلكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الْأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِنْ تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَثْ ذلِكَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ (١٧٦) سَاءَ مَثَلاً الْقَوْمُ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَأَنْفُسَهُمْ كَانُوا يَظْلِمُونَ (١٧٧) مَنْ يَهْدِ اللهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِي وَمَنْ يُضْلِلْ فَأُولئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ) (١٧٨)
في هذه الآيات إشارة لقصة اخرى من قصص بني إسرائيل ، والآية الاولى من هذه الآيات يخاطب بها النبي صلىاللهعليهوآله حيث يقول تعالى : (وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِىءَاتَيْنهُءَايتِنَا فَانسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطنُ فَكَانَ مِنَ الْغَاوِينَ).
والآية التالية تكمل هذا الموضوع على النحو التالي (وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنهُ بِهَا).
ولكن من المسلم أنّ إكراه الناس وإجبارهم على أن يسلكوا سبيل الحق لا ينسجم والسنن الإلهية وحرية الإرادة ولا يكون ذلك دليلاً على عظمة الشخص ، لهذا فإنّ الآية