إعدادات
مختصر الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل [ ج ٢ ]
مختصر الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل [ ج ٢ ]
المؤلف :آية الله ناصر مكارم الشيرازي
الموضوع :القرآن وعلومه
الناشر :مدرسة الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام
الصفحات :571
تحمیل
إنّ المراد من «الفتنة» هو الإختلاف والتفرق وتزلزل مباني العقيدة الإسلامية على أثر وسوسة الأعداء ، و «الفساد» يشمل كل إخلال وتخريب للنظم الاجتماعية المختلفة وخاصة سفك الدماء البريئة والارهاب وأمثال ذلك.
أمّا في الآية التالية فنجد تأكيداً على مقام المهاجرين والأنصار مرّة اخرى ، وما لهما من موقع وأثر في تحقق أهداف المجتمع الإسلامي ، فتثني عليهم الآية بقولها : (وَالَّذِينَءَامَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِى سَبِيلِ اللهِ وَالَّذِينَءَاوَوا وَّنَصَرُوا أُولئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا). لأنّهم هبوا لنصرة الإسلام في الأيام الصعبة الشديدة وفي الغربة والمحنة وقد اشترك كل فرد منهم بنوع من النصرة لله ولرسوله صلىاللهعليهوآله (لَهُمْ مَّغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ). فهم فائزون بثواب الله والنعمة الاخروية ، كما أنّهم يتمتعون في هذه الدنيا بالعزّة ورفعة الرأس والكرامة.
أمّا الآية الأخيرة فتشير إلى الطائفة الرابعة من المسلمين ، أي اولئك الذين آمنوا وهاجروا من بعد ، فتقول : (وَالَّذِينَءَامَنُوا مِن بَعْدُ وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا مَعَكُمْ فَأُولئِكَ مِنكُمْ). أي إنّ المجتمع الإسلامي ليس مجتمعاً منغلقاً ومحصوراً على نفسه ، بل أبوابه مفتوحة لجميع المؤمنين والمهاجرين والمجاهدين.
وتشير الآية في ختامها إلى ولاية الأرحام بعضهم لبعض ، وأوليتها فيما جعله الله في عباده من أحكام ، فتقول : (وَأُولُوا الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِى كِتَابِ اللهِ).
إنّ الآيات السابقة تتكلم عن ولاية المؤمنين والمسلمين العامّة «بعضهم إلى بعض» أمّا هذه الآية محل البحث فتؤكّد هذا الموضوع في شأن الأرحام والأقارب ، فهم إضافة إلى ولاية الإيمان والهجرة يتمتعون بولاية الأرحام أيضاً ، ومن هنا فهم يرثون ويورّثون بعضهم بعضاً ، إلّاأنّه لا إرث بين غيرهم من المؤمنين الذين لا علاقة قربى بينهم.
وفي آخر جملة من هذه الآية يقول الله سبحانه : (إِنَّ اللهَ بِكُلّ شَىْءٍ عَلِيمٌ).
فما نزل في هذه السورة من أحكام تتعلق بالأنفال وغنائم الحرب ، وتعاليم الجهاد والصلح ، وأحكام الأسرى والحرب ، وما يتعلق بالهجرة وغيرها ، كل ذلك كان وفق حساب دقيق يتلاءم وروح المجتمع الإنساني ، والعواطف البشرية ، والمصالح العامة في جميع جوانبها المختلفة.
|
نهاية تفسير سورة الأنفال |
* * *