واتّباع أمره. كما أنّ هذه الإستقامه ليست عليك وحدك ، فعليك أن تستقيم أنت (وَمَن تَابَ مَعَكَ) استقامة خالية من كل زيادة ونقصان وإفراط أو تفريط (وَلَا تَطْغَوْا) إذ (إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ) ولا تخفى عليه حركة ولا قول ولا أي خطة اخرى ... الخ.
المسؤولية الكبيرة : في تفسير الدرّ المنثور عن ابن عباس أنّ الصحابة قالوا يا رسول الله لقد أسرع إليك الشيب؟ قال : «أجل ، شيبتني هود وأخواتها».
وفي رواية اخرى أنّ النبي صلىاللهعليهوآله لما نزلت هذه الآية قال : «شمّروا شمّروا فما رُئي ضاحكاً». والدليل واضح ، لأنّ أربعة أوامر مهمة موجودة في هذه الآية يلقي كل واحد منها عبئاً ثقيلاً على الكتف.
واليوم مسؤوليتنا المهمة ـ نحن المسلمين أيضاً ، وبالخصوص قادة الإسلام ـ تتلخص في هذه الكلمات الأربعة. وهي : الاستقامة ، والإخلاص ، وقيادة المؤمنين ، وعدم الطغيان والتجاوز. ودون ربط هذه الامور بعضها إلى بعض فإنّ النصر على الأعداء الذين أحاطونا من كل جانب من الداخل والخارج ، واستفادوا من جميع الأساليب الثقافية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والعسكرية ... هذا النصر لايكون سوى أوهام في مخيلة المسلمين.
(وَلَا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللهِ مِنْ أَوْلِيَاءَ ثُمَّ لَا تُنْصَرُونَ)(١١٣)
الركون إلى الظالمين : إنّ هذه الآية تبيّن واحداً من أقوى وأهم الاسس والبرامج الاجتماعية والسياسية والعسكرية والعقائدية ، فتخاطب عامة المسلمين ليؤدوا وظيفتهم القطعية فتقول : (وَلَا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا) (١). والسبب واضح (فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُم مِّن دُونِ اللهِ مِنْ أَوْلِيَاءَ) ومعلوم عندئذ حالكم (ثُمَّ لَاتُنصَرُونَ).
في أي الامور لا ينبغي الركون إلى الظالمين؟ بديهي أنّه في الدرجة الاولى لا يصح الإشتراك معهم في الظلم أو طلب الإعانة منهم ، وبالدرجة الثانية الاعتماد عليهم فيما يكون فيه ضعف المجتمع الإسلامي وسلب استقلاله واعتماده على نفسه وتبديله إلى مجتمع تابع
__________________
(١) «الركون» : مشتق من مادة «رُكن» ومعناه العمود الضخم من الحجر أو الجدار الذي يربط البناء أو الأشياءالاخرى بعضها إلى بعض ، ثمّ اطلق هذا اللفظ على الإعتماد أو الاستناد إلى الشيء.