الذي ينبع من هدف غير إرادي لا يكون علامة على شخصية الفرد ولا وسيلة للتكامل ، ولا يوجب الثواب.
إلّا أنّ قيمة الإنسان وامتيازه وأهم ما يتفاوت فيه عن سائر الموجودات هي هذه الموهبة ، وهي حرية الإرادة والاختيار ، وكذلك امتلاك الأذواق والأطباع والأفكار المتفاوتة التي يصنع كل واحد منها قسماً من المجتمع ويؤمّن بُعداً من أبعاده.
ومن طرف آخر فإنّ الاختلاف في انتخاب العقيدة والمذهب أمر طبيعي.
ولهذا يقول القرآن الكريم في الآية الاخرى : (إِلَّا مَن رَّحِمَ رَبُّكَ). ولكن هذه الرحمة الإلهية ليست خاصه بجماعة معينة ، فالجميع يستطيعون «شريطة رغبتهم» أن يستفيدوا منها (وَلِذلِكَ خَلَقَهُمْ).
الأشخاص الذين يريدون أن يستظلوا برحمة الله فإنّ الطريق مفتوح لهم ... الرحمة التي أفاضها الله لجميع عباده عن طريق تشخيص العقل وهداية الأنبياء.
ومتى ما استفادوا من هذه الرحمة والموهبة ، فإنّ أبواب الجنة والسعادة الدائمة تفتح بوجوههم ، وإلّا فلا : (وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبّكَ لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ).
إنّ هذا الأمر المحتوم فيه شرط واحد وهو الخروج من دائرة رحمة الله ، والتقهقر عن هداية الرسل والادلّاء من قِبَله ، وبهذا الترتيب.
(وَكُلًّا نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَاءِ الرُّسُلِ مَا نُثَبِّتُ بِهِ فُؤَادَكَ وَجَاءَكَ فِي هذِهِ الْحَقُّ وَمَوْعِظَةٌ وَذِكْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ (١٢٠) وَقُلْ لِلَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ اعْمَلُوا عَلَى مَكَانَتِكُمْ إِنَّا عَامِلُونَ (١٢١) وَانْتَظِرُوا إِنَّا مُنْتَظِرُونَ (١٢٢) وَلِلَّهِ غَيْبُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الْأَمْرُ كُلُّهُ فَاعْبُدْهُ وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ وَمَا رَبُّكَ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ) (١٢٣)
أربع معطيات لقصص الماضين : بانتهاء هذه الآيات تنتهي سورة هود ، وفي هذه الآيات استنتاج كلي لمجموع بحوث هذه السورة ، وبما أنّ القسم الأهم من هذه السورة يتناول القصص التي تحمل العبر من سيرة الأنبياء والامم السابقة ، فإنّ هذه القصص تعطي نتائج قيّمة ملخّصة في أربعة مواضيع. تقول هذه الآيات أوّلاً : (وَكُلًّا نَّقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنبَاءِ الرُّسُلِ مَا نُثَبّتُ بِهِ فُؤَادَكَ). وكلمة «كُلًّا» إشارة إلى تنوع هذه القصص.