سبب النّزول
جاء في تفسير مجمع البيان : نزلت الآية الاولى في كفار قريش حين قال لهم النبي صلىاللهعليهوآله : «اسجدوا للرحمن». قالوا : وما الرحمن؟
وفي سبب نزول الآية الثانية : إنّها نزلت في نفر من مشركي مكة ، منهم أبو جهل بن هشام ، وعبد الله بن أمية المخزومي جلسوا خلف الكعبة ثم أرسلوا إلى النبي صلىاللهعليهوآله فأتاهم ، فقال له عبد الله بن أمية : إن سرك أن نتبعك فسير لنا جبال مكة بالقرآن ، فأذهبها عنا ، حتى تنفسخ فإنّها أرض ضيقة ، واجعل لنا فيها عيوناً وأنهاراً حتى نغرس ونزرع فلست كما زعمت أهون على ربّك من داود حيث سخر له الجبال تسبح معه أو سخر لنا الريح فنركبها إلى الشام فنقضي عليها مسيرتنا وحوائجنا ثم نرجع من يومنا فقد كان سليمان سخرت له الريح فكما زعمت لنا فلست أهون على ربّك من سليمان. وأحي لنا جدك قصياً ، أو من شئت من موتانا لنسأله : أحق ما تقول أم باطل؟ فإنّ عيسى عليهالسلام كان يحيي الموتى ولست بأهون على الله منه فأنزل الله سبحانه (وَلَوْ أَنَّ قُرءَانًا) الآية.
التّفسير
لا أمل في إيمان أهل العناد : تبحث هذه الآيات مرّةً ثانية مسألة النبوّة ، والآيات أعلاه تكشف عن قسم آخر من جدال المشركين في النبوّة وجواب القرآن عليهم فتقول الآية : كما أنّنا أرسلنا رسلاً إلى الأقوام السالفة لهدايتهم : (كَذلِكَ أَرْسَلْنَاكَ فِى أُمَّةٍ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهَا أُمَمٌ). والهدف من ذلك (لِّتَتْلُوَا عَلَيْهِمُ الَّذِى أَوْحَيْنَا إِلِيْكَ). في الوقت الذي (وَهُمْ يَكْفُرُونَ بِالرَّحْمنِ). يكفرون بالله الذي عمّت رحمته كل مكان ، وشمل فيضه المؤمن والكافر.
ثم قل لهم : إنّ الرحمن الذي عمّ فضله هو ربّي (قُلْ هُوَ رَبّى لَاإِلهَ إِلَّا هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ مَتَابِ).
ثم يجيب اولئك الذين يتشبّثون دائماً بالحجج الواهية فيقول : لو أنّ الجبال تحرّكت من مكانها بواسطة القرآن : (وَلَوْ أَنَّ قُرءَانًا سُيّرَتْ بِهِ الْجِبَالُ أَوْ قُطِّعَتْ بِهِ الْأَرْضُ أَوْ كُلّمَ بِهِ الْمَوْتَى). فمع ذلك لا يؤمنون به.
ولكن كل هذه الأفعال بيد الله ويفعل ما يريد متى يشاء (بَل لِّلَّهِ الْأَمْرُ جَمِيعًا). ولكنكم لا تطلبون الحق ، وإذا كنتم تطلبونه فهذا المقدار من المعجزة التي صدرت من