أَبْنَاءَكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِسَاءَكُمْ وَفِى ذلِكُم بَلَاءٌ مّن رَّبّكُمْ عَظِيمٌ).
وكان على طول التاريخ طريقة كل المستعمرين حيث كانوا يبيدون قسماً من القوى الفاعلة والمقاومة ، ويضعفون قسماً آخر منها ويستخدمونها في منافعهم الخاصة.
أيّ يوم أكثر بركة من ذلك اليوم حيث أزال الله عنكم فيه شرّ المتكبرين والمستعمرين ، الذين كانوا يرتكبون أفظع الجرائم بحقكم ، وأي جريمة أعظم من ذبح أبنائكم كالحيوانات (إنتبه إلى أنّ القرآن عبّر بالذبح لا بالقتل) وأهمّ من ذلك فإنّ نوامسيكم كانت خدماً في أيدي الطامعين.
وليس هذا المورد خاص ببني إسرائيل ، بل في جميع الامم والأقوام. فإنّ يوم الوصول إلى الاستقلال والحرية وقطع أيدي الطواغيت يوم من أيام الله الذي يجب أن نتذكّره دوماً حتى لا نعود إلى ما كنّا عليه في الأيّام الماضية.
ثم يضيف القرآن الكريم : (وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِن شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِن كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِى لَشَدِيدٌ). يمكن أن تكون هذه الآية من كلام موسى لبني إسرائيل ، ويمكن أن تكون جملة مستقلّة وخطاباً للمسلمين ، ولكن على أيّة حال فالنتيجة واحدة ، لأنّ وروده في القرآن الكريم من أجل أن يكون درساً بنّاءاً لنا.
الشكر سبب لزيادة النعم والكفر سبب للفناء : مما لا شك فيه أنّ الله سبحانه وتعالى ليس بحاجة إلى شكرنا في مقابل نعمه علينا ، وإذا أمرنا بالشكر فذاك لنستوجب نعمة اخرى وهي واحدة من المبادىء السامية في التربية.
إنّ حقيقة الشكر ليس فقط ما يقوله الإنسان (الحمد لله) أو الشكر اللفظي ، بل هناك ثلاث مراحل للشكر :
الاولى : يجب أن نعلم من هو الواهب للنعم؟ هذا العلم والإيمان الركن الأوّل للشكر.
والثانية : الشكر باللسان.
والثالثه : وهي الأهمّ الشكر العملي ، أي أن نعلم الهدف من منحنا للنعمة ، وفي أي مورد نصرفها ، وإلّا كفرنا بها.
وهنا يتّضح هذه العلاقة بين الشكر وزيادة النعمة ، لأنّ الناس لو صرفوا النعم الإلهية في هدفها الحقيقي ، فسوف يثبتون عملياً إستحقاقهم لها وتكون سبباً في زيادة الفيوضات الإلهية عليهم.