الآية (٦٩) من سورة العنكبوت : (وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا).
وعلى هذا النحو فإنّ محور الهداية والضلال في أيدي الناس أنفسهم.
تشير الآية الاخرى إلى واحدة من نماذج إرسال الأنبياء في مقابل طواغيت عصرهم ، ليخرجوهم من الظلمات إلى النور : (وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَى بَايَاتِنَا أَنْ أَخْرِجْ قَوْمَكَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ) (١).
وكما قرأنا في الآية الاولى من هذه السورة فإنّ خلاصة دعوة رسول الخاتم صلىاللهعليهوآله هي إخراج الناس من الظلمات إلى النور ، فهذه دعوة كل الأنبياء ، بل جميع القادة الروحيين للبشر.
ثم يشير القرآن الكريم إلى واحدة من أكبر مسؤوليات موسى عليهالسلام حيث يقول تعالى : (وَذَكّرْهُم بِأَيمِ اللهِ). وهي جميع الأيام العظيمة في تاريخ الإنسانية. فكل يوم يُفتح فيه فصل جديد من حياة الناس فيه درس وعبرة ، أو ظهور نبي فيه ، أو سقوط جبار وفرعون ـ أو كل طاغ ـ ومحوه من الوجود. خلاصة القول : كل يوم يُعمل فيه بالحق والعدالة ويتلاشى فيه الظلم وتنطفي فيه بدعة ، هو من أيّام الله.
الروايات الواردة من أهل البيت عليهمالسلام تشير أنّهم فسّروا «أيّام الله» بأيام مختلفة ، ففي تفسير نور الثقلين عن الإمام الباقر عليهالسلام قال : «أيّام الله ، يوم يقوم القائم ويوم الكرّة (٢) ويوم القيامة».
وفي آخر الآية يقول تعالى : (إِنَّ فِى ذلِكَ لَأَيَاتٍ لّكُلّ صَبَّارٍ شَكُورٍ).
«صبّار» و «شكور» : صيغة مبالغة فأحدهما تشير إلى شدة الصبر ، والاخرى إلى زيادة الشكر ، وتعني أنّ المؤمنين كما لا يستسلمون للحوادث والمشاكل التي تصيبهم في حياتهم ، كذلك لا يغترّون ولا يغفلون في أيّام النصر والنعم.
تشير الآية الاخرى إلى أحد هذه الأيام التي كانت ساطعة ومثمرة في تاريخ بني إسرائيل ، وذكرها تذكرة للمسلمين حيث يقول تعالى : (وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللهِ عَلَيْكُمْ إِذْ أَنجكُم مّنْءَالِ فِرْعَوْنَ). هؤلاء الفراعنة الذين كانوا (يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذَابِ وَيُذَبّحُونَ
__________________
(١) المعجزات التي ظهرت من موسى بن عمران أشارت إليها الآية أعلاه بلفظ الآيات ، وهي ٩ معاجز مهمّة طبقاً للآية (١٠١) من سورة الإسراء ، والتي سوف تأتي إن شاء الله في تفسير تلك الآية.
(٢) يوم الكرّة / أي يوم الرجعة.