«سرابيل» : جمع «سربال» على وزن «مثقال» بمعنى القميص من أي قماش كان.
و «قطران» : بفتح القاف وسكون الطاء أو بكسر القاف وسكون الطاء ، وهي مادةً تؤخذ من شجرة الأبهل ثم تُغلى فتثخن وتُطلى بها الإبل عند إصابتها بمرض الجرب ، فهي مادة سوداء نتنة وقابلة للإشتغال.
وعلى هذا أنّهم يلبسون ثياباً من مادة سوداء ونتنة وقابلة للإشتعال ، حيث تمثّل أسوأ الألبسة لما كانوا يعملونه في هذه الدنيا من إرتكاب الذنوب والفواحش. وسوادها يشير إلى أنّ الذنوب تؤدّي إلى أن يكون الإنسان مسودّ الوجه أمام ربّه ، وتعفّنها يشير إلى تلوّث المجتمع بهم ومساعدتهم على إشعال نار الفساد ، وكأنّ القطران تجسيد لأعمالهم في الدنيا.
كل ذلك لأجل (لِيَجْزِىَ اللهُ كُلَّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ). ومن الطريف أنّه لم يقل أنّ الجزاء بما كسبت أنفسهم ، بل يقول : «ما كسبت» ليكون تجسيداً حيّاً لأعمالهم ، وهذه الآية بهذا التعبير الخاص دليل آخر على تجسّم الأعمال.
وفي الختام يقول تعالى : (إِنَّ اللهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ). وهذا واضح تماماً لأنّ كل إنسان حسابه معه.
وورد في الخبر : «إنّ الله تعالى يحاسب الخلائق كلهم في مقدار لمح البصر». ولا ريب أنّ الله تعالى لا يحتاج إلى وقت لمحاسبة الأفراد ، وما جاء في الرواية أعلاه إشارة إلى أقصر الفترات.
وبما أنّ آيات هذه السورة ـ وكذلك جميع الآيات ـ لها جانب الدعوة إلى التوحيد وإبلاغ الأحكام الإلهية إلى الناس وإنذارهم ، يقول تعالى في آخر آية من هذه السورة : (هذَا بَلغٌ لّلنَّاسِ وَلِيُنذَرُوا بِهِ وَلِيَعْلَمُوا أَنَّمَا هُوَ إِلهٌ وَاحِدٌ وَلِيَذَّكَّرَ أُولُوا الْأَلْببِ).
بداية وختام سورة إبراهيم : وكما رأينا فإنّ سورة إبراهيم ابتدأت في بيان دور القرآن الكريم في إخراج الناس من الظّلمات إلى نور العلم والتوحيد ، وانتهت في بيان دور القرآن في إنذار الناس وتعليمهم التوحيد.
إنّ هذه البداية والنهاية تبيّن هذه الحقيقة ، وهو أنّ كل ما نحتاجه موجود في هذا القرآن ، حيث يقول الإمام علي عليهالسلام : «هو ربيع القلوب وينابيع العلم» ... «فاستشفوه من أدوائكم»