وقد عرضت الآيات ثمانية نعم كبيرة (مادية ومعنوية) بما يساوي عدد أبواب الجنة.
١ ـ أشارت في البدء إلى نعمة جسمانية مهمة : (إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِى جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ). ويلاحظ أنّ هذه الآية قد اتخذت من صفة (التقوى) أساساً لها ، وهي الخوف من الله والورع والالتزام ، فهي إذن ... جامعة لكافّة صفات الكمال الإنساني.
إنّ ذكر الجنات والعيون بصيغة الجمع إشارة إلى تنوّع رياض الجنة وكثرة عيونها ، والتي لكل منها لذّة مميزة وطعم خاص.
٢ و ٣ ـ ثم تشير الآيات إلى نعمتين معنويتين مهمتين أخريتين (السلامة) و (الأمن) .. السلامة من أيّ أذىً وألم ، والأمن من كل خطر ، فتقول ـ على لسان الملائكة مرحّبة بهم ـ : (ادْخُلُوهَا بِسَلمٍءَامِنِينَ).
وفي الآية التالية بيان لثلاث نعم معنوية اخرى :
٤ ـ (وَنَزَعْنَا مَا فِى صُدُورِهِم مّنْ غِلّ). أي : الحسد والحقد والعداوة والخيانة.
٥ ـ (إِخوانًا) تربطهم أقوى صلات المحبة.
٦ ـ (عَلَى سُرُرٍ مُّتَقَابِلِينَ).
إنّ جلساتهم الاجتماعية خالية من القيود المتعبة التي يُعاني منها عالمنا الدنيوي ، فلا طبقية ولا ترجيح بدون مرجّح والكلّ إخوان ، يجلسون متقابلين في صف واحد ومستوى واحد.
٧ ـ ثم تأتي الإشارة إلى النعمة المادية والمعنوية السابعة : (لَايَمَسُّهُمْ فِيهَا نَصَبٌ) إنّه ليس كيوم استراحة بهذه الدنيا يقع بين تعب ونصب قبله وبعده ، ولا يدع الإنسان يجد طعم الراحة والاستقرار.
٨ ـ ولا يشغلهم همّ فناء أو انتهاء نِعم (وَمَا هُم مّنْهَا بِمُخْرَجِينَ).
بعد أن عرض القرآن الكريم النعم الجليلة التي ينالها المتقون في الجنة بذلك الرونق المؤثّر الذي يوقع المذنبين والعاصين في بحار لجّية من الغمّ والحسرة ويجعلهم يقولون : يا ليتنا نصيب بعض هذه المواهب ، فهناك ، يفتح الله الرحمن الرحيم أبواب الجنة لهم ولكن بشرط ، فيقول لهم بلهجة ملؤها المحبة والعطف والرحمة وعلى لسان نبيّه الكريم صلىاللهعليهوآله : (نَبّئْ عِبَادِى أَنّى أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ).
وكما هو معهود من الأسلوب القرآني ، تأتي العبارات العنيفة حين تتحدث عن الغضب والعذاب الإلهي لتمنع من سوء الاستفادة من الرحمة الإلهية ، ولتوجد التعادل بين مسألتي