إنّ من المسلم أنّه لا يمكن أن تعتبر هذه الامور من فعل المشيئة الإلهية وليس من الصحيح مطلقاً الدفاع عن مثل هذه الاختلافات غير المبرّرة أساساً.
إنّ أفراد البشر يشكلون من حيث المجموع شجرة كبيرة واحدة يقوم كل فرد برسالة خاصة في هذا الصرح العظيم ، وله بنيان مخصوص يتلاءم مع وظائفه.
ولهذا يقول القرآن الكريم : إنّ هذه الفوارق وهذا التفاوت وسيلة لاختباركم وامتحانكم ، لأنّ الاختبار والامتحان الإلهي ـ كما قلنا سابقاً ـ يعني «التربية».
٢ ـ خلافة الإنسان في الأرض : إنّ النقطة الاخرى الجديرة بالاهتمام ، هي أنّ القرآن الكريم وصف الإنسان مراراً بأنّه خليفة الله في أرضه ، إنّ هذا الوصف ، وهذا التعبير ضمن بيانه لمكانة الإنسان يبيّن هذه الحقيقة أيضاً ، وهي : أنّ الله تبارك وتعالى هو المالك الأصلي والحقيقي للأموال والثروات والقابليات ، وجميع المواهب الإلهية الممنوحة للإنسان ، وما الإنسان ـ في الحقيقة ـ إلّاخليفة الله ووكيل من جانبه ، ومأذون من قبله.
ومن البديهي أنّ الوكيل ـ مهما كان ـ فهو غير مستقل في تصرفاته ، بل يجب أن تخضع تصرفاته لإذن صاحبها الأصلي ، وتقع ضمن إجازته.
ومن هنا يتضح أنّ الإسلام ـ مثلاً ـ يختلف عن النظام الشيوعي ، وكذا عن النظام الرأسمالي في مسألة المالكية ، لأنّ الفريق الأوّل يخصص الملكية بالجماعة ، والفريق الثاني يخصصها بالفرد ، بينما يقول الإسلام : الملكية لا هي للفرد ولا هي للمجتمع ، بل هي في الحقيقة لله تعالى ، والناس وكلاء الله ، وخلفاؤه.
وبهذا الدليل نفسه يراقب الإسلام طريقة تصرف الأفراد في الأموال كسباً وصرفاً ، ويضع لكل ذلك قيوداً وشروطاً تجعل الاقتصاد الإسلامي نظاماً متميزاً في مقابل الأنظمة الاخرى.
|
نهاية تفسير سورة الأنعام |
* * *