سليمان عليهالسلام يستعرض قوّاته القتالية : هذه الآيات تواصل البحث السابق بشأن داود عليهالسلام. فالآية الاولى تزفّ البشرى لداود في أنّه سيرزق بولد صالح هو سليمان ، وسيتولّى الحكم وأعباء الرسالة من بعده ، وتقول : (وَوَهَبْنَا لِدَاوُودَ سُلَيْمنَ نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ).
هذه الجملة تبيّن عظمة مقام سليمان ، ويحتمل كونها ردّاً على الإتّهامات القبيحة والعارية من الصحّة الواردة في التوراة المحرّفة عن ولادة سليمان من زوجة أوريّا ، والتي كانت شائعة في المجتمع قبل نزول القرآن.
الآية التالية تبدأ بقصّة خيل سليمان ، التي فسّرت بأشكال مختلفة ، حيث إنّ البعض فسّرها بصورة سيّئة ومعارضة لموازين العقل ، إذ يقول القرآن : (إِذْ عُرِضَ عَلَيْهِ بِالْعَشِىّ الصَّافِنَاتُ الْجِيَادُ).
«صافنات» : جمع «صافنة» وتطلق على الجياد التي تقوم على ثلاث قوائم وترفع أحد قوائمها الأمامية قليلاً ليمسّ الأرض على طرف الحافر ، وهذه الحالة تخصّ الخيول الأصيلة التي هي على أهبّة الإستعداد للحركة في أيّة لحظة.
«الجياد» : جمع «جواد» وتعني الخيول السريعة السير ، وكلمة «جياد» مشتقة في الأصل من (جود) ، والجود عند الإنسان يعني بذل المال ، وعند الخيول يعني سرعة سيرها.
ويستشف من الآية مع القرائن المختلفة المحيطة بها ، أنّه في أحد الأيّام وعند العصر إستعرض سليمان عليهالسلام خيوله الأصيلة التي كان قد أعدّها لجهاد أعدائه.
فقد جاء هذا الوصف في القرآن بعد ذكر مقام سليمان باعتباره نموذجاً من أعماله.
ولكي يطرد سليمان التصوّر عن أذهان الآخرين في أنّ حبّه لهذه الخيول القوية ناتج من حبّه للدنيا ، جاء في قوله تعالى : (فَقَالَ إِنّى أَحْبَبْتُ حُبَّ الْخَيْرِ عَن ذِكْرِ رَبّى).
إنّي احبّ هذه الخيل من أجل الله وتنفيذ أمره ، واريد الإستفادة منها في جهاد الأعداء.
وإستمرّ سليمان عليهالسلام ينظر إلى خيله الأصيلة المستعدّة لجهاد أعداء الله ، وهو يعيش حالة من السرور ، حتى توارت عن أنظاره : (حَتَّى تَوَارَتْ بِالْحِجَابِ).
كان هذا المشهد جميلاً ولطيفاً لقائد كبير مثل سليمان ، بحيث أمر بإعادة عرض الخيل مرّة اخرى : (رُدُّوهَا عَلَىَّ). وعندما نفّذت أوامره بإعادة الخيل ، عمد سليمان عليهالسلام إلى مسح سوقها وأعناقها : (فَطَفِقَ مَسْحًا بِالسُّوقِ وَالْأَعْنَاقِ).
وبهذا الشكل أشاد بجهود مدربي تلك الخيول ، وأعرب لهم عن تقديره لها ، لأنّ من