مُلْكًا لَّايَنبَغِى لِأَحَدٍ مِّن بَعْدِى إِنَّكَ أَنتَ الْوَهَّابُ).
إنّ سليمان طلب من الباريء عزوجل أن يهب له ملكاً مع معجزات خاصة ، لأنّنا نعرف أنّ لكل نبي معجزة خاصة به.
وهذا الأمر لا يعدّ عيباً أو نقصاً بالنسبة للأنبياء الذين يطلبون من الله أن يؤيّدهم بمعجزة خاصة.
الآيات التالية تبيّن موضوع إستجابة الله سبحانه وتعالى لطلب سليمان ومنحه ملكاً يتميّز بإمتيازات خاصة ونعم كبيرة ، يمكن إيجازها في خمسة أقسام :
١ ـ تسخير الرياح له بعنوان واسطة سريعة السير ، كما تقول الآية : (فَسَخَّرْنَا لَهُ الرّيحَ تَجْرِى بِأَمْرِهِ رُخَاءً حَيْثُ أَصَابَ).
تفاصيل هذه التساؤلات ليست واضحة بالنسبة لنا ، وكل ما نعرفه أنّ تلك الامور الخارقة توضع تحت تصرّف الأنبياء لتسهّل لهم القيام بمهامهم.
٢ ـ النعمة الاخرى التي أنعمها الباريء عزوجل على عبده سليمان عليهالسلام ، هي تسخير الموجودات المتمردة ووضعها تحت تصرّف سليمان لتنجز له بعض الأعمال التي يحتاجها (وَالشَّيَاطِينَ كُلَّ بَنَّاءٍ وَغَوَّاصٍ). أي : إنّ مجموعة منها منشغلة في البرّ ببناء ما يحتاج إليه سليمان من أبنية ، واخرى منشغلة بالغوص في البحر.
وبهذا الشكل فإنّ الله وضع تحت تصرّف سليمان قوّة مستعدّة لتنفيذ ما يحتاج إليه ، فالشياطين ـ التي من طبيعتها التمرّد والعصيان ـ سخّرت لسليمان لتبني له ، ولتستخرج المواد الثمينة من البحر.
٣ ـ النعمة الاخرى التي أنعمها الباريء عزوجل على سليمان ، هي سيطرته على مجموعة من القوى التخريبيّة ، لأنّ هناك من بين الشياطين من لا فائدة فيه ، ولا سبيل أمام سليمان سوى تكبيلهم بالسلاسل ، كي يبقى المجتمع في أمان من شرورهم ، كما جاء في القرآن المجيد (وَءَاخَرِينَ مُقَرَّنِينَ فِى الْأَصْفَادِ).
«مقرّنين» : مشتقة من (قرن) وهي تشير إلى ربط الأيدي والأرجل أو الرقاب بالسلاسل.
«أصفاد» : جمع «صفد» على وزن (مطر) وتعني القيود التي تكبّل بها أيدي السجناء.
وقال البعض : إنّ عبارة (مُقَرَّنِينَ فِى الْأَصْفَادِ) تعني الجامعة التي تجمع بين الرقبة