شيء بالنسبة لإله موسى ، والآن انصرفوا إلى أعمالكم براحة بال.
طبعاً ، يمكن للخطط السياسية والمواقف المضلّلة أن تخدع الناس شطراً من الزمان ، وتؤثّر فيهم لفترة من الوقت ، إلّاأنّها تنتهي بالفشل على المدى البعيد.
(وَقَالَ الَّذِي آمَنَ يَا قَوْمِ اتَّبِعُونِ أَهْدِكُمْ سَبِيلَ الرَّشَادِ (٣٨) يَا قَوْمِ إِنَّمَا هذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا مَتَاعٌ وَإِنَّ الْآخِرَةَ هِيَ دَارُ الْقَرَارِ (٣٩) مَنْ عَمِلَ سَيِّئَةً فَلَا يُجْزَى إِلَّا مِثْلَهَا وَمَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ يُرْزَقُونَ فِيهَا بِغَيْرِ حِسَابٍ) (٤٠)
اتّبعوني أهدكم سبيل الرشاد : أشرنا آنفاً إلى أنّ مؤمن آل فرعون أوضح كلامه في مجموعة من المقاطع ، وفي هذه المجموعة من الآيات الكريمة نقف على المقطع الرابع ، بعد أن أشرنا في الآيات السابقة إلى ثلاثة منها.
إنّ هذا المقطع من كلام مؤمن آل فرعون ينصبّ في مضمونه على إلفات نظر القوم إلى الحياة الدنيوية الزائلة ، وقضية المعاد والحشر والنشر ، إذ إنّ تركيز هذه القضايا في حياة الناس له تأثير جذري في تربيتهم.
يقول تعالى : (وَقَالَ الَّذِىءَامَنَ يَا قَوْمِ اتَّبِعُونِ أَهْدِكُمْ سَبِيلَ الرَّشَادِ).
ثم تضيف الآية : (يَا قَوْمِ إِنَّمَا هذِهِ الْحَيَوةُ الدُّنْيَا مَتَاعٌ وَإِنَّ الْأَخِرَةَ هِىَ دَارُ الْقَرَارِ).
إنّ القضية ليست فناء هذه الدنيا وبقاء الآخرة وحسب ، بل الأهم من ذلك هي قضية الحساب والجزاء ، حيث يقول تعالى : (مَنْ عَمِلَ سَيّئَةً فَلَا يُجْزَى إِلَّا مِثْلَهَا وَمَنْ عَمِلَ صَالِحًا مّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ يُرْزَقُونَ فِيهَا بِغَيْرِ حِسَابٍ).
إنّ مؤمن آل فرعون ـ بكلامه هذا أثار أوّلاً قضية عدالة الله تبارك وتعالى ، حيث يقاضي الإنسان بما اكتسبت يداه خيراً أو شرّاً.
ومن جهة ثانية أشار في كلامه إلى الثواب والفضل الإلهي لذوي العمل الصالح.
ومن جهة ثالثة أشار للتلازم القائم بين الإيمان والعمل الصالح.
ورابعة يشير أيضاً إلى مساواة الرجل والمرأة في محضر الله تبارك وتعالى ، وفي القيم الإنسانية.