والنصر ، النصر في المنطق والبيان ؛ وفي الحرب والميدان ؛ وفي إرسال العذاب الإلهي على القوم الظالمين ، وفي الإمداد الغيبي الذي يقوي القلوب ويشدّ الأرواح ويجذبها إلى بارئها جلّ وعلا.
«أشهاد» : جمع «شاهد» أو «شهيد» وهي تعني الذي يشهد على شيء ما. والمقصود بالأشهاد ، هم الملائكة والأنبياء والمؤمنون الذين يشهدون على أعمال الناس.
إنّ يوم الأشهاد يوم افتضاح الكافرين وسوء عاقبة الظالمين ، هو : (يَوْمَ لَايَنفَعُ الظَّالِمِينَ مَعْذِرَتُهُمْ وَلَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ).
تنتقل الآيات الكريمة بعد ذلك للحديث عن أحد الموارد التي إنتصر فيها الرسل نتيجة الحماية الإلهية والدعم الرباني لهم ، فتتحدث عن النبي الكليم عليهالسلام : (وَلَقَدْءَاتَيْنَا مُوسَى الْهُدَى وَأَوْرَثْنَا بَنِى إِسْرَاءِيلَ الْكِتَابَ).
إنّ هداية الله لموسى تنطوي على معاني واسعة ، إذ تشمل مقام النبوّة والوحي ، والكتاب السماوي (التوراة) والمعاجز التي وقعت على يديه عليهالسلام أثناء تنفيذه لرسالات ربّه وتبليغه إيّاها.
الآية التي بعدها تضيف : (هُدًى وَذِكْرَى لِأُولِى الْأَلْببِ).
الفرق بين «الهداية» و «الذكرى» أنّ الهداية تكون في مطلع العمل وبدايته ، أمّا التذكير فهو يشمل تنبيه الإنسان بامور سمعها مسبقاً وآمن بها لكنّه نسيها.
وبعبارة اخرى : إنّ الكتب السماوية تعتبر مشاعل هداية ونور في بداية انطلاقة الإنسان ، وترافقه في أشواط حياته تبثّ من نورها وهداها عليه.
ولكن الذي يستفيد من مشاعل الهدى هذه هم «أولوا الألباب» وأصحاب العقل ، وليس الجهلة والمعاندون المتعصّبون.
الآية الأخيرة ـ من المقطع الذي بين أيدينا ـ تنطوي على وصايا وتعليمات مهمة للرسول صلىاللهعليهوآله وهي في واقعها تعليمات عامة للجميع ، بالرغم من أنّ المخاطب بها هو شخص الرسول الكريم صلىاللهعليهوآله. يقول تعالى : (فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللهِ حَقٌّ).
عليك أن تصبر على عناد القوم ولجاجة الأعداء.
عليك أن تصبر حيال جهل بعض الأصدقاء والمعارف ، وتتحمل أحياناً أذاهم وتخاذلهم.
وعليك أيضاً أن تصبر إزاء العواطف النفسية.