وهي نوع من السخرية والإستهزاء واللوم ، يوم يثبت أنّ كل ادعاءات المستكبرين مجرد تقوّلات زائفة عارية عن المضمون والحقيقة.
إنّ المستكبرين لم يسكتوا على هذا الكلام وذكروا جواباً يدل على ضعفهم الكامل وذلّتهم في ذلك الموقف المهول ، إذ يحكي القرآن على لسانهم قولهم : (قَالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا كُلٌّ فِيهَا إِنَّ اللهَ قَدْ حَكَمَ بَيْنَ الْعِبَادِ).
وعندما تغلق في وجههم السبل ، سبل النجاة والخلاص ، يتوجّه الجميع إلى خزنة النار : (وَقَالَ الَّذِينَ فِى النَّارِ لِخَزَنَةِ جَهَنَّمَ ادْعُوا رَبَّكُمْ يُخَفّفْ عَنَّا يَوْمًا مّنَ الْعَذَابِ) (١).
إنّهم يعلمون أنّ العذاب الإلهي لا يرتفع ، لذلك يطلبون أن يتوقف عنهم ولو ليوم واحد كي يرتاحوا قليلاً ... إنّهم قانعون بهذا المقدار!
لكن إجابة الخزنة تأتي منطقية واضحة : (قَالُوا أَوَلَمْ تَكُ تَأْتِيكُمْ رُسُلُكُم بِالْبَيّنَاتِ).
وفي الجواب : (قَالُوا بَلَى).
فيستطرد الخزنة : (قَالُوا فَادْعُوا وَمَا دُعؤُا الْكَافِرِينَ إِلَّا فِى ضَللٍ).
(إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ (٥١) يَوْمَ لَا يَنْفَعُ الظَّالِمِينَ مَعْذِرَتُهُمْ وَلَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ (٥٢) وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْهُدَى وَأَوْرَثْنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ الْكِتَابَ (٥٣) هُدًى وَذِكْرَى لِأُولِي الْأَلْبَابِ (٥٤) فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللهِ حَقٌّ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ بِالْعَشِيِّ وَالْإِبْكَارِ) (٥٥)
الوعد بنصر المؤمنين : بعد أن تحدثت الآيات التي سبقتها عن مؤمن آل فرعون ، عادت هذه المجموعة من الآيات البينات تتحدث عن شمول الحماية والنصر الإلهي لأنبياء الله ورسله وللذين آمنوا في هذه الدنيا وفي الآخرة.
إنّها تتحدث عن قانون عام تنطق بمضمونه الآية الكريمة : (إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَءَامَنُوا فِى الْحَيَوةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهدُ).
إنّها الحماية المؤكّدة بأنواع التأكيد ، والتي لا ترتبط بقيد أو شرط ، والتي يستتبعها الفوز
__________________
(١) «خزنة» : جمع خازن ، وتعني الحارس.