إنّ مسؤوليتك هي التبليغ البليغ وإتمام الحجة على الجميع ، حتى تتنوّر القلوب اليقظة ببلاغك ، ولا يبقى للمعاندين عذر.
ثم تشير الآية الكريمة إلى الوضع المشابه الذي واجهه الرسل والأنبياء قبل رسول الله صلىاللهعليهوآله كي تكون في هذه الذكرى مواساة أكثر للرسول الكريم ، حيث واجه الأنبياء السابقين مثل هذه المشاكل ، إلّاأنّهم استمروا في طريقهم واحتفظوا بمسارهم المستقيم.
يقول تعالى : (وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلاً مِّن قَبْلِكَ مِنْهُم مَّن قَصَصْنَا عَلَيْكَ وَمِنْهُم مَّن لَّمْ نَقْصُصْ عَلَيْكَ).
ورد في الروايات والمصادر الإسلامية المختلفة أنّ عدد الأنبياء كان (١٢٤) ألف نبي. لقد واجه كل منهم ما تواجهه أنت اليوم ، فصبروا وكان حليفهم النصر والغلبة على الظالمين.
ومن جهة ثانية كان الجميع يطلبون من الرسل الإتيان بالمعجزة ، ومشركو مكة لم يشذّوا على غيرهم في طلب المعاجز من رسول الله صلىاللهعليهوآله لذلك يخاطب الله تعالى رسوله الكريم صلىاللهعليهوآله بقوله : (وَمَا كَانَ لِرَسُولٍ أَن يَأْتِىَ بَايَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللهِ).
ثم تهدّد الآية من كان يقول : لماذا لا يشملنا العذاب الإلهي إذا كان هذا الرسول صادقاً؟ فتقول الآية : (فَإِذَا جَاءَ أَمْرُ اللهِ قُضِىَ بِالْحَقّ وَخَسِرَ هُنَالِكَ الْمُبْطِلُونَ).
في ذلك اليوم المهول تغلق أبواب التوبة ، ويخسر أهل الباطل صفقتهم.
(اللهُ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَنْعَامَ لِتَرْكَبُوا مِنْهَا وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ (٧٩) وَلَكُمْ فِيهَا مَنَافِعُ وَلِتَبْلُغُوا عَلَيْهَا حَاجَةً فِي صُدُورِكُمْ وَعَلَيْهَا وَعَلَى الْفُلْكِ تُحْمَلُونَ (٨٠) وَيُرِيكُمْ آيَاتِهِ فَأَيَّ آيَاتِ اللهِ تُنْكِرُونَ) (٨١)
منافع الأنعام المختلفة : تعود الآيات التي بين أيدينا للحديث مرّة اخرى عن علائم قدرة الخالق (جلّ وعلا) ومواهبه العظيمة لبني البشر ، وتشرح جانباً منها كي تزيد من وعي الإنسان ومعرفته بالله تعالى ، وليندفع نحو الثناء والشكر فيزداد معرفة بخالقه. يقول تعالى : (اللهُ الَّذِى جَعَلَ لَكُمُ الْأَنْعَامَ لِتَرْكَبُوا مِنْهَا وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ).
فبعضها يختص بالغذاء كالأغنام ، وبعضها للركوب والغذاء كالجمال.
«أنعام» : جمع «نعم» على وزن «قلم» وتطلق في الأصل على الجمال ، لكنّها توسّعت فيما بعد لتشمل الجمال والبقر والأغنام.