المنزّهة.
«محيص» ، مأخوذة من كلمة «حيص على وزن (حيف) وتعني الرجوع والعدول عن أمر ما ، وبما أنّ (محيص) اسم مكان ، لذا وردت هذه الكلمة ، بمعنى محل الهروب أو الملجأ.
والكلام في آخر آية موجّه إلى الجميع حيث تقول : (فَمَا أُوتِيتُم مّن شَىْءٍ فَمَتَاعُ الْحَيَوةِ الدُّنْيَا).
ولكن (وَمَا عِندَ اللهِ خَيْرٌ وَأَبْقَى لِلَّذِينَءَامَنُوا وَعَلَى رَبّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ).
فلو استطعتم أن تستبدلوا هذا المتاع الدنيوي الزائل المحدود التافه بمتاع أبدي خالد ، فتلك هي التجارة المربحة العديمة النظير.
في صحيح مسلم : قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : «والله ما الدنيا في الآخرة إلّامثل ما يجعل أحدكم إصبعه هذه في اليم ، فلينظر بم ترجع»؟
(وَالَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ وَإِذَا مَا غَضِبُوا هُمْ يَغْفِرُونَ (٣٧) وَالَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِرَبِّهِمْ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ (٣٨) وَالَّذِينَ إِذَا أَصَابَهُمُ الْبَغْيُ هُمْ يَنْتَصِرُونَ (٣٩) وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللهِ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ) (٤٠)
هذه الآيات استمرار للبحث الوارد في الآيات السابقة بخصوص الأجر الإلهي للمؤمنين المتوكلين.
فبعد ذكر الإيمان والتوكل اللذين لهما طبيعة قلبيّة ، تشير هذه الآيات إلى سبعة أنواع من البرامج العملية ، وهذه البرامج توضّح اسس المجتمع الصالح والحكومة الصالحة القوية.
فأوّل صفة تبدأ من التطهير حيث تقول الآية أنّ الثواب الإلهي العظيم سوف يكون من نصيب المؤمنين المتوكلين : (وَالَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ).
«كبائر» : جمع «كبيرة» وتعني الذنوب الكبيرة. وقد ورد تفسير للكبائر في روايات أهل البيت عليهمالسلام بأنّها : «التي أوجب الله عزوجل عليها النار» (١).
__________________
(١) من لا يحضره الفقيه ١ / ١٧٥ ؛ تفسير العياشي ١ / ١٥١ ؛ ثواب الأعمال / ١٩٧.