وعلى هذا الأساس فإنّ أوّل علائم الإيمان والتوكّل هو الاجتناب عن (الكبائر).
أمّا ثاني صفة ، والتي لها طبيعة تطهيرية أيضاً ، فهي السيطرة على النفس عند الغضب الذي يعتبر من أشدّ حالات الإنسان حيث تقول الآية : (وَإِذَا مَا غَضِبُوا هُمْ يَغْفِرُونَ).
فهؤلاء لا يفقدون السيطرة على أنفسهم عند الغضب ولا يرتكبون الجرائم عنده ، والأكثر من ذلك غسل قلوبهم وقلوب الآخرين من الحقد بواسطة مياه العفو والغفران.
وهذه الصفة لا تتوفر إلّافي ظل الإيمان الحقيقي والتوكّل على الحق.
في تفسير على بن إبراهيم عن الإمام الباقر عليهالسلام قال : «ومن ملك نفسه إذا رغب ، وإذا رهب ، وإذا غضب ، حرّم الله جسده على النار».
الآية الاخرى تشير إلى الصفة الثالثة والرابعة والخامسة والسادسة ، حيث تقول : (وَالَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِرَبّهِمْ).
(وَأَقَامُوا الصَّلَوةَ).
(وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ).
(وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ).
فالآية السابقة كانت تتحدث عن تطهير النفس من الذنوب والتغلب على الغضب ، إلّا أنّ الآية التي نبحثها تتحدث عن بناء النفس في المجالات المختلفة ، ومن أهمها إجابة دعوة الخالق ، والتسليم حيال أوامره.
وتقول الآية بخصوص سابع صفة للمؤمنين الحقيقيين : (وَالَّذِينَ إِذَا أَصَابَهُمُ الْبَغْىُ هُمْ يَنتَصِرُونَ). أي : أنّهم إذا تعرّضوا للظلم لا يستسلمون له ، بل يطلبون النصر من الآخرين.
فإنّ المظلوم مكلّف بمقاومة الظالم وطلب النصرة ، وأيضاً فإنّ المؤمنين مكلّفون بإجابته.
هذا البرنامج الإيجابي البنّاء يحذّر الظالمين من مغبّة ظلم المؤمنين ، حيث إنّهم لا يسكتون على ذلك ويقفون بوجوههم ، وهو أيضاً يؤمّل المظلومين بأنّ الآخرين سوف ينصرونكم عند استغاثتكم.
ولكن بما أنّ التناصر يجب أن لا يخرج عن حدّ العدل وينتهي إلى الإنتقام والحقد والتجاوز عن الحد ، لذا فإنّ الآية التي بعدها اشترطت ذلك بالقول : (وَجَزَاؤُا سَيّئَةٍ سَيّئَةٌ مِّثْلُهَا).
وعمل الظالم يجب أن يسمى ب (سيّئة) إلّاأنّ جزاءه وعقابه ليس (سيّئة) وإذا وجدنا أنّ