فخاطبت الآية الاولى من الآيات أعلاه النبي صلىاللهعليهوآله وقالت : (يَا أَيُّهَا النَّبِىُّ قُل لِأَزْوَاجِكَ إِن كُنتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَوةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا فَتَعَالَيْنَ أُمَتّعْكُنَّ وَأُسَرّحْكُنَّ سَرَاحًا جَمِيلاً).
«امتّعكن» : من مادة متعة ، تعني الهدية التي تلائم أحوال المرأة ، والمراد هنا المقدار المناسب الذي يضاف على المهر ، وإن لم يكن المهر معيّناً فإنّه يعطيها هدية لائقة بحالها بحيث ترضيها ، ويتمّ طلاقها وفراقها في جوّ هاديء مفعم بالحبّ.
«السراح» : في الأصل من مادة «سرح» أي الشجرة التي لها ورق وثمر. والمراد من «السراح الجميل» في الآية طلاق النساء وفراقهن فراقاً مقترناً بالإحسان ، وليس فيه جبر وقهر.
وتضيف الآية التالية : (وَإِن كُنتُنَّ تُرِدْنَ اللهَ وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الْأَخِرَةِ فَإِنَّ اللهَ أَعَدَّ لِلْمُحْسِنَاتِ مِنكُنَّ أَجْرًا عَظِيمًا).
وبناءً على هذا ، فإنّ إظهار عشق الله وحبّه ، والتعلق بالنبي واليوم الآخر لا يكفي لوحده ، بل يجب أن تنسجم البرامج العملية مع هذا الحبّ والعشق.
وبهذا فقد بيّن الله سبحانه تكليف نساء النبي وواجبهن في أن يكنّ قدوة واسوة للمؤمنات على الدوام.
ومع أنّ المخاطب في هذه الآية هو نساء النبي إلّاأنّ محتوى الآيات ونتيجتها تشمل الجميع ، وخاصة من كان في مقام قيادة الناس وإمامتهم واسوة لهم.
ثم تتناول الآية التالية بيان موقع نساء النبي أمام الأعمال الصالحة والطالحة ، وكذلك مقامهنّ الممتاز ، ومسؤولياتهنّ الضخمة بعبارات واضحة ، فتقول : (يَا نِسَاءَ النَّبِىّ مَن يَأْتِ مِنكُنَّ بِفَاحِشَةٍ مُّبَيّنَةٍ يُضَاعَفْ لَهَا الْعَذَابُ ضِعْفَيْنِ وَكَانَ ذلِكَ عَلَى اللهِ يَسِيرًا).
فأنتنّ تعشن في بيت الوحي ومركز النبوّة ، والآخرين ينظرون إليكن ويتخذون أعمالكن نموذجاً وقدوة لهم. بناءً على هذا ، فإنّ ذنبكن أعظم عند الله ، لأنّ الثواب والعقاب يقوم على أساس المعرفة ، ومعيار العلم ، وكذلك مدى تأثير ذلك العمل في البيئة.
والمراد من «الفاحشة المبيّنة» الذنوب العلنية.
أمّا قوله عزوجل : (وَكَانَ ذلِكَ عَلَى اللهِ يَسِيرًا) فهو إشارة إلى أن لا تظنّن أنّ عذابكن وعقابكن عسير على الله تعالى ، وأنّ علاقتكن بالنبي صلىاللهعليهوآله ستكون مانعة منه.
أمّا في الطرف المقابل ، فتقول الآية : (وَمَن يَقْنُتْ مِنكُنَّ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ وَتَعْمَلْ صَالِحًا نُّؤْتِهَا أَجْرَهَا مَرَّتَيْنِ وَأَعْتَدْنَا لَهَا رِزْقًا كَرِيمًا).