في الدنيا والآخرة هم جهلة ، ومفهومها أنّ القليل منهم يعرف هذا المعنى ، إلّاأنّه في الوقت ذاته يُصرّ على المخالفة لما فيه من اللجاجة والعناد عن الحق.
وفي الآية التالية يخاطب القرآن نبيّه ويدعوه إلى الصبر أمام هذه التّهم والمثبّطات وأن يستقيم فيقول : (وَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبّكَ).
فإذا ما اتّهموك بأنّك شاعر أو كاهن أو مجنون فاصبر ، وإذا زعموا بأنّ القرآن مفترى فاصبر ، وإذا أصرّوا على عنادهم وواصلوا رفضهم لدعوتك برغم كل هذه البراهين المنطقية فاصبر ، ولا تضعف همّتك ويفتر عزمك : (فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا).
نحن نرى كل شيء ونعلم بكل شيء ولن ندعك وحدك.
وبما أنّ الحاجة لله وعبادته وتسبيحه وتقديسه وتنزيهه والإلتجاء إلى ذاته المقدسة كل هذه الامور تمنح الإنسان الدّعة والاطمئنان والقوة ، فإنّ القرآن يعقّب على الأمر بالصبر بالقول : (وَسَبّحْ بِحَمْدِ رَبّكَ حِينَ تَقُومُ).
سواء كان الحمد التسبيح سحراً ، أو عند صلاة الفريضة ، أو عند القيام من أي مجلس كان.
أجل ، نوّر روحك وقلبك بتسبيح الله وحمده فإنّهما يمنحان الصفاء ... وعطر لسانك بذكر الله ... واستمدّ منه المدد واستعدّ لمواجهة أعدائك.
وفي الدرّ المنثور : إنّه لما كان بآخرة كان إذا قام من مجلسه قال : «سبحانك اللهمّ وبحمدك أشهد أن لا إله إلّاأنت أستغفرك وأتوب إليك». فقيل يا رسول الله! ما هؤلاء الكلمات التي تقولهن ، قال : «هنّ كلمات علمنيهنّ جبرئيل كفارات لما يكون في المجلس».
ثم يضيف القرآن في آخر آية من الآيات محل البحث قائلاً : (وَمِنَ الَّيْلِ فَسَبّحْهُ وَإِدْبَارَ النُّجُومِ).
|
«نهاية تفسير سورة الطور» |
* * *