والخطاب هنا من الله لرسوله ، أي اذا أعرضت يا محمد عن اعطاء سائليك لضيق يدك ، وعدم وجود شيء عندك ، فقل لهم قولا طيبا لينا لطيفا. أي أحسن القول ، وابسط لهم العذر ، وادع لهم بسعة الرزق ، وقل لهم مثلا : اذا جاءني من فضل الله شيء أعطيتكم. أو قل لهم : يرزقنا الله واياكم من فضله ..
ولقد أحسن من قال في هذا المجال :
الا تكن ورق خ يوما أجود بها |
|
للسائلين ، فاني ليّن العود |
لا يعدم السائلون الخير من خلقي |
|
إما نوالي ، وإما حسن مردودي |
و «الورق» ـ بفتح فكسر ـ هي الفضة ، ويقصد بها النقود. والمردود : يعني الرد.
* * *
ويدعو القرآن الى طيب القول حتى مع المخالف في الدين والاعتقاد ، فيقول في سورة العنكبوت :
«وَلا تُجادِلُوا أَهْلَ الْكِتابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ، إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ ، وَقُولُوا آمَنَّا بِالَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْنا وَأُنْزِلَ إِلَيْكُمْ ، وَإِلهُنا وَإِلهُكُمْ واحِدٌ ، وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ»(١).
بل وأكثر من هذا ، ان القرآن يدعو الى طيب القول مع طاغي الطغاة ، مع فرعون ، فالله تعالى يقول لموسى وهارون في سورة طه :
__________________
(١) سورة العنكبوت ، الآية ٤٦.