هذا الى قاعدة ارتكاب أخف الضررين ، وأي ضرر أشد من فسخ العزيمة ، وما فيه من الضعف والفشل وابطال الثقة؟!.
هكذا صور التفسير هذا الرأي في المراد بالعزيمة عقب الشورى ، وهو رأي تستريح اليه النفس ، ولكن هناك رأيا آخر نذكره استكمالا لوجهات النظر ، وقد عبر عنه صاحب «عمدة التفسير» بهذه العبارة :
«معنى الآية واضح صريح لا يحتاج الى تفسير ، ولا يحتمل التأويل ، فهو أمر للرسول صلىاللهعليهوسلم ، ثم لمن يكون ولي الامر من بعده ، أن يستعرض آراء أصحابه الذين يراهم موضع الرأي ، الذين هم أولو الاحلام والنّهى ، في المسائل التي تكون موضع تبادل الآراء ، وموضع الاجتهاد في التطبيق ، ثم يختار من بينها ما يراه حقا ، أو صوابا ، أو مصلحة ، فيعزم على انفاذه ، غير متقيد برأي فريق معين ، ولا برأي عدد محدود : لا برأي أكثرية ، ولا برأي أقلية ، فاذا عزم توكل على الله ، وأنفذ العزم على ما ارتآه.
ومن المفهوم البديهي الذي لا يحتاج الى دليل أن الذين أمر الرسول بمشاورتهم ـ ويأتسي به فيه من يلي الامر من بعده ـ هم الرجال الصالحون القائمون على حدود الله ، المتقون الله ، المقيمو الصلاة ، المؤدو الزكاة ، هم الذين قال فيهم رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «ليلني منكم أولو الأحلام والنّهى».
ويقول الله تبارك وتعالى لرسوله عليه الصلاة والسلام في سورة الأحقاف : «فَاصْبِرْ كَما صَبَرَ أُولُوا الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ» أي أصحاب الجد والثبات ، والصبر والعزيمة. وقد قيل ان المراد بأولي العزم من الرسل طائفة منهم ، وهم نوح ، لأنه صبر على أذى قومه ، وكانوا يضربونه حتى يغشى عليه ، وابراهيم الذي قدم ابنه للفداء والذبح ، ويعقوب الذي صبر على فقد الولد وذهاب البصر ، ويوسف الذي صبر على الالقاء في الجب