والسجن ، وأيوب الذي صبر على المرض والضرر ، وموسى الذي صبر على الاهوال والمتاعب ، وداود الذي بكى طويلا على زلته ، وعيسى الذي لم يضع لبنة على لبنة.
قيل ان أولي العزم من الرسل كل الرسل ، فكأن الله تعالى يقول للنبي صلىاللهعليهوسلم : اصبر كما صبر الرسل من قبلك على أذى أقوامهم ، وكانوا أصحاب عزم وعزيمة ، فصبروا وثبتوا.
* * *
ونستطيع أن نفهم من منطق القرآن الكريم أن فضيلة العزيمة تصحب فضيلتي التقوى والصبر ، فان الله تبارك وتعالى يقول في سورة آل عمران :
«لَتُبْلَوُنَّ فِي أَمْوالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ ، وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا أَذىً كَثِيراً ، وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ ذلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ»(١).
أي ستتعرضون للابتلاء والاختبار في أموالكم بالبذل أو النقص أو الجوائح ، وفي أنفسكم بالمرض أو الجراح أو التعب ، وستسمعون كلاما شديدا مؤذيا من أهل الكتاب ومن المشركين ، وان تتحملوا هذا الابتلاء بصبر وقوة وعزيمة ، وتتقوا المعصية أو الضعف ، فان ذلك من الامور التي يجب أن تعزموا عليها وتصدقوا فيها.
ولا شك أن فضيلة العزيمة تتجلى بصورة رائعة حينما يعقد الانسان ارادته على تحمل أذى القول من أهل الضلال والسفه ، لأن ضبط النفس
__________________
(١) سورة آل عمران ، الآية ١٨٦.