عند دواعي الغضب والثورة ، مما يدل على قوة الشخصية وثبات الارادة ، ولعل هذا بعض ما نفهمه من الآية الكريمة السابقة ، ومن قول سيدنا رسول الله عليه صلوات الله وسلامه : «ليس الشديد بالصّرعة ، انما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب».
وكذلك نفهم من منطق القرآن أن فضيلة العزيمة تصحب فضيلتي العفو والغفران ، فذلك حيث يقول الحق جل جلاله في سورة الشورى :
«وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ»(١).
أي من الصفات التي يجب أن يعزم عليها المؤمن ويستمسك بها.
وليس من العسير علينا أن نفهم أن فضيلة العزيمة تطوي بين جناحيها مجموعة فضائل. ولعله مما يشير الى ذلك قوله تعالى في سورة لقمان :
«يا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلاةَ ، وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ ، وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ ، وَاصْبِرْ عَلى ما أَصابَكَ ، إِنَّ ذلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ»(٢).
لقد ذكرت الآية هنا الصلاة ، وفيها عبادة الله باخلاص ، والمحافظة عليها تحتاج الى عزيمة.
وذكرت الأمر بالمعروف ، ولا بد للآمر الصادق بالمعروف من التزام المعروف أولا ، وهذا يحتاج الى عزيمة ، كما أن القيام بالامر بالمعروف يحتاج الى عزيمة.
__________________
(١) سورة الشورى ، الآية ٤٣.
(٢) سورة لقمان ، الآية ١٧.