خالِدِينَ فِيها رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ أُولئِكَ حِزْبُ اللهِ أَلا إِنَّ حِزْبَ اللهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ»(١).
ويعلق الرازي على الآية بقوله : «المعنى أنه لا يجتمع الايمان مع وداد أعداء الله ، وذلك لأن من أحب أحدا امتنع أن يحب مع ذلك عدوه ، وهذا على وجهين :
أحدهما : أنهما لا يجتمعان في القلب ، فاذا حصل في القلب وداد أعداء الله لم يحصل فيه الايمان فيكون صاحبه منافقا. والثاني : انهما يجتمعان ، ولكنه معصية وكبيرة ، وعلى هذا الوجه لا يكون صاحب هذا الوداد كافرا بسبب هذا الوداد ، بل يكون عاصيا في الله.
فان قيل : أجمعت الأمة على أنه تجوز مخالطتهم ومعاملتهم ومعاشرتهم ، فما هذه المودة المحرمة المحظورة؟. قلنا : المودة المحظورة هي ارادة منافعه دينا ودنيا مع كونه كافرا ، فأما ما سوى ذلك فلا حظر فيه. ثم انه تعالى بالغ في المنع من هذه المودة من وجوه :
أولها ما ذكر أن هذه المودة مع الايمان لا يجتمعان. وثانيها : قوله ولو كانوا أباءهم أو أبناءهم أو اخوانهم أو عشيرتهم ، والمراد ان الميل الى هؤلاء أعظم أنواع الميل ، ومع هذا فيجب أن يكون هذا الميل مغلوبا مطروحا بسبب الدين.
قال ابن عباس : نزلت هذه الآية في أبي عبيدة بن الجراح ، قتل أباه عبد الله بن الجراح يوم أحد ، وعمر بن الخطاب قتل خاله العاص ابن هشام بن المغيرة يوم بدر ، وأبي بكر دعا ابنه يوم بدر الى البراز ، فقال النبي عليه الصلاة والسلام : متّعنا بنفسك. ومصعب بن عمير قتل
__________________
(١) سورة المجادلة ، الآية ٢٣.