منهم رؤوس يجمعون لكم ، فارجعوا حتى نستأصل شأفتهم.
فبلغ ذلك النبي عليه الصلاة والسلام ، فنادى في الناس ، وحثهم على المسير وراء أعدائهم لمتابعة خطواتهم وقال صلوات الله وسلامه عليه : «لا يخرج معنا الا من شهد القتال».
فأحسن المسلمون الاستجابة لأمر الله والرسول ، برغم متاعبهم ومخاوفهم وجراحهم ، وكان ردهم : سمعا وطاعة. فسار بهم صلىاللهعليهوسلم حتى بلغ بهم «حمراء الأسد» وهو موضع على ثمانية أميال من المدينة. وأقبل معبد الخزاعي نحو النبي فأسلم ، فأمره النبي أن يلحق بأبي سفيان زعيم المشركين حينئذ ، وأن يشيع فيه وفي رفاقه روح الخذلان ، فاستجاب معبد ، حتى لحق أبا سفيان عند مكان يقال له «الروحاء» ، على بعد قرابة أربعين ميلا من المدينة فلما رآه أبو سفيان سأله : ما وراءك يا معبد؟.
فأجاب معبد مخذّلا : محمد وأصحابه قد تحرقوا عليكم ، وخرجوا في جمع لم يخرجوا في مثله ، وقد ندم من كان تخلف عنهم من أصحابهم.
فقال أبو سفيان : ما تقول؟
أجاب معبد : ما أرى أن ترتحل حتى يطلع أول الجيش من وراء هذه الأكمة.
فقال أبو سفيان : والله لقد أجمعنا الكرة عليهم لنستأصلهم.
قال معبد : فلا تفعل ، فاني لك ناصح.
وخاف أبو سفيان فانثنى عن عزمه ، ورجع مع رفاقه على أعقابهم الى مكة.
ومع هذا لقي أبو سفيان بعض العرب يقصد مكة فقال له : هل لك أن