وها هو ذا الاستاذ الامام محمد عبده يعلق على هذا النص الكريم بقوله :
«ما أسخف عقل الانسان ، فانه مع ظهور أمره ، وشدة فقره في نفسه ، وظهور أن الله مالك كل شيء عنده ، يطغى ويخرج عن الحد الذي يجب عليه أن يقف عنده ، فيستكبر عن الخشوع لربه ، ويتطاول بالأذى على خلقه ، وذلك «أَنْ رَآهُ اسْتَغْنى» أي متى أحس من نفسه قدرة وثروة يعد نفسه بهما فوق من دونه من الناس ، فلا يرى انه معهم أعضاء جماعة واحدة ، يحتاج كل الى الآخر ، في استدامة الأمن واستكمال السعادة».
ثم يقول : «ولما كان المغرور يظن أنه في سوء عمله انما يصنع ما هو من حقه ، ضاعف له التأكيد ، فقال «لَيَطْغى» : أي أنه باستغنائه يخرج عن حده قطعا ، ثم بيّن أنه واهم في طغيانه ، كاذب في زعمه أنه ملك ناصية القوة والقدرة ، لأن ما في يده عارية ، وليست نفسه بباقية ، ولا لها من الله واقية ، فقال : «إِنَّ إِلى رَبِّكَ الرُّجْعى» أي ان المرجع الى الله وحده دون غيره ، فهو مالكك ومالك ما تملكه ، وهو الذي ينتزع روحك فتخرج من هذه الحياة الدنيا ، الى حياة ينكشف عنك فيها غطاء الغرور».
ويروي ابن القيم أنه جاء في الاثر الالهي : «ابن آدم ، اطلبني تجدني ، فان وجدتني وجدت كل شيء ، وان فتّك فاتك كل شيء ، وأنا أحب اليك من كل شيء».
* * *
وننتقل الى روضة السنة المطهرة ، فنجد فيها عناية واضحة بالتوجيه الى الاستغناء بالله دون من عداه ، فيقول رسول الله صلىاللهعليهوسلم فيما يرويه عن ربه في الحديث القدسي : «كلكم فقير الا من أغنيت