لخشية اطراق السريرة في حال الوقوف بين يدي الله بشواهد الادب ، محاذرة بغتات الطرد ، لا يستقر بهم قرار لما داخلهم من الرعب ، واستولى عليهم من سلطان الهيبة».
* * *
والقرآن الكريم يذكر لنا أن فضيلة «الاشفاق» من صفات أهل لجنة المكرمين ، حيث يتحدث في سورة المعارج عن المصلين المخلصين لمصدقين بيوم الدين ، فيقول عنهم :
«وَالَّذِينَ هُمْ مِنْ عَذابِ رَبِّهِمْ مُشْفِقُونَ»(١).
وبعد أن يصفهم بحفظ فروجهم وأماناتهم وعهدهم ، وأنهم القائمون بشهاداتهم ، والمحافظون على صلواتهم ، يقول :
«أُولئِكَ فِي جَنَّاتٍ مُكْرَمُونَ»(٢).
وقوله : «مِنْ عَذابِ رَبِّهِمْ مُشْفِقُونَ» أي خائفون ، لأن هذا العذاب لا يأمنه أحد ، بل الواجب على كل أحد أن يخافه ويشفق منه. ويشير الرازي الى أن «الاشفاق» يكون من أمرين : اما بالخوف من ترك الواجبات ، أو الخوف من الاقدام على المحظورات. ومن يدوم به الخوف والاشفاق فيما كلف به يكون حذرا من التقصير ، حريصا على القيام بما كلف به من علم وعمل ، والانسان لا يمكنه القطع بأنه أدى الواجبات كما ينبغي ، واحترز عن المحظورات بالكلية ، بل يجوز أن يكون قد وقع منه تقصير في شيء من ذلك ، فلا جرم يكون خائفا أبدا.
ويتعرض التفسير المعاصر البصير الى الظلال القرآنية التي تستوحى
__________________
(١) سورة المعارج ، الآية ٢٧.
(٢) سورة المعارج ، الآية ٣٥.