من قوله تعالى عن «الاشفاق» :
«وَالَّذِينَ هُمْ مِنْ عَذابِ رَبِّهِمْ مُشْفِقُونَ ، إِنَّ عَذابَ رَبِّهِمْ غَيْرُ مَأْمُونٍ». (١).
فيصورها بهذا التعبير : «هذه درجة أخرى وراء مجرد التصديق بيوم الدين ، درجة الحساسية المرهفة ، والرقابة اليقظة ، والشعور بالتقصير في جناب الله على كثرة العبادة ، والخوف من تلفت القلب واستحقاقه للعذاب في أية لحظة ، والتطلع الى الله للحماية والوقاية».
ولقد كان رسول الله ـ صلىاللهعليهوآله ـ وهو من عند الله ، وهو يعرف أن الله قد اصطفاه ورعاه ، كان دائم الحذر دائم الخوف لعذاب الله ، وكان على يقين أن عمله لا يعصمه ولا يدخله الجنة الا بفضل من الله ورحمة. وقال لاصحابه : «لن يدخل الجنة أحدا عمله». قالوا : ولا أنت يا رسول الله؟. قال : «ولا أنا الا أن يتغمدني الله برحمته».
وفي قوله هنا : «إِنَّ عَذابَ رَبِّهِمْ غَيْرُ مَأْمُونٍ» ايحاء بالحساسية الدائمة التي لا تغفل لحظة ، فقد تقع موجبات العذاب في لحظة الغفلة فيحق العذاب ، والله لا يطلب من الناس الا هذه اليقظة وهذه الحساسية ، فاذا غلبهم ضعفهم معها ، فرحمته واسعة ، ومغفرته حاضرة ، وباب التوبة مفتوح ليست عليه مغاليق ، وهذا قوام الامر في الاسلام بين الغفلة والقلق ، والاسلام غير هذا وتلك ، والقلب الموصول بالله يحذر ويرجو ، ويخاف ويطمع ، وهو مطمئن لرحمة الله على كل حال».
ويقول القرآن الكريم في سورة الشورى عن الاشفاق من يوم القيامة :
__________________
(١) سورة المعارج : الآيات ٢٧ ـ ٢٨.