«يَسْتَعْجِلُ بِهَا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِها ، وَالَّذِينَ آمَنُوا مُشْفِقُونَ مِنْها ، وَيَعْلَمُونَ أَنَّهَا الْحَقُّ ، أَلا إِنَّ الَّذِينَ يُمارُونَ فِي السَّاعَةِ لَفِي ضَلالٍ بَعِيدٍ»(١).
فالمؤمنون ـ كما يعبر القشيري ـ يؤمنون بالبعث وما بعده من أحكام الآخرة ، ويكلون أمورهم الى الله ، فلا يتمنون الموت حذر الابتلاء ، ولكن اذا ورد الموت لم يكرهوه ، وكانوا مستعدين له.
والذين لا يؤمنون بالساعة لا تحس قلوبهم هو لها ، ولا تقدر ما بنتظرهم فيها ، فلا عجب يستعجلون بها مستهترين ، لأنهم محجوبون لا يدركون ، وأما الذين آمنوا فهم مستيقنون منها ، ومن هنا هم يشفقون ويخافون ، وينتظرونها بوجل وخشية ، وهم يعرفون ما هي حين تكون ، وانها لحق ، وانهم ليعلمون انها الحق ، وبينهم وبين الحق صلة فهم يعرفون.
ويشير القرآن المجيد الى أن فضيلة «الاشفاق» يجعلها الحق سبحانه سبب النجاة من النار ، وسبب الفوز بالنعيم ، فيقول في سورة الطور عن المؤمنين وهم في الجنة :
«وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلى بَعْضٍ يَتَساءَلُونَ : قالُوا إِنَّا كُنَّا قَبْلُ فِي أَهْلِنا مُشْفِقِينَ ، فَمَنَّ اللهُ عَلَيْنا وَوَقانا عَذابَ السَّمُومِ»(٢).
__________________
(١) سورة الشورى ، الآية ١٨.
(٢) سورة الطور ، الآية ٢٥ ـ ٢٧.