هذا القرآن رفع حين ردته أوائل هذه الامة لهلكوا ، ولكن الله تعالى عاد بعائدته ورحمته ، فكرره عليهم ودعاهم اليه عشرين سنة ، أو ما شاء الله من ذلك».
ويعلق ابن كثير على فهم قتادة بقوله : «وقول قتادة لطيف جدا ، وحاصله أنه يقول في معناه : انه تعالى من لطفه ورحمته بخلقه لا يترك دعاءهم الى الخير والى الذكر الحكيم وهو القرآن ، وان كانوا مسرفين معرضين عنه ، بل أمر به ليهتدي به من قدّر هدايته ، وتقوم الحجة على من كتب شقاوته».
وكأن المعنى : انا لا نترككم مع سوء اختياركم ، بل نذكركم ونعظكم الى أن ترجعوا الى طريق الحق.
* * *
وننتقل الى روضة السنة المطهرة.
وفيها نجد وصف الرسول صلوات الله وسلامه عليه بأنه يعفو ويصفح ، ففي صحيح البخاري عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما أن هذه الآية التي في القرآن : «يا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْناكَ شاهِداً وَمُبَشِّراً وَنَذِيراً» قال : في التوراة : «يا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْناكَ شاهِداً وَمُبَشِّراً وَنَذِيراً» ، وحرزا للاميين ، أنت عبدي ورسولي ، سميتك المتوكل ، ليس بفظ ولا غليظ ولا سخاب بالاسواق ، ولا يدفع السيئة بالسيئة ، ولكن يعفو ويصفح ، ولن يقبضه الله حتى يقيم به الملة العوجاء ، بأن يقولوا لا اله الا الله ، فيفتح بها أعينا عميا ، وآذانا صما ، وقلوبا غلفا».
وجاء في السنة من صفة النبي : «كان رسول الله صلىاللهعليهوآله حليما رحيما ، رؤوفا عطوفا ، يهب ويسمح ، ويعفو ويصفح».
* * *