التنافس في الخير بين أصحابه ، وفي كتابي «رجال صدقوا (١)» عرضت موقفا فيه حث على التنافس في الخير حيث قلت : «قبيل غزوة أحد وقف الرسول صلىاللهعليهوسلم بين أصحابه ، ورفع في يده سيفا له كان مكتوبا عليه :
في الجبن عار |
|
وفي الاقدام مكرمة |
والمرء بالجبن |
|
لا ينجو من القدر |
وقال الرسول لاصحابه : من يأخذ هذا السيف بحقه؟ فقال أكثر من واحد : أنا يا رسول الله. وكان من هؤلاء عمر الفاروق ، وعلي ابن عم الرسول ، والزبير بن العوام وهو ابن عمة الرسول ، ولكن الرسول لم يعط السيف أحدا من هؤلاء ، ولعل السبب في هذا هو أنهم لم يسألوا عن حق أخذ السيف ، وقد قال الرسول : «من يأخذ هذا السيف بحقه».
ثم قام أبو دجانة فقال : وما حقه يا رسول الله؟ قال : حقه أن تضرب به في وجه العدو حتى ينحني. فقال : أنا آخذه بحقه يا رسول الله».
وتحت عنوان : «يتنافسون في الخير» من كتابي «لمحات عن أبي بكر» قلت ما يلي : «نحن نفتخر اليوم بأشياء كثيرة ، فمنا الذي يفتخر بأنه أغنى من سواه ومنا الذي يفتخر بأن قوته أكثر من قوة غيره ، ومنا الذي يفتخر بأن ملابسه أجمل من ملابس غيره ، وهذا الافتخار بعيد عن الحق والصواب ، لأن الانسان الكامل لا يفتخر بهذه الاشياء التافهة ، والمظاهر الحقيرة ، وانما يكون التسابق والتنافس في العلم والادب والخلق والعمل الصالح ، وقديما كان آباؤنا واجدادنا يتنافسون في الخيرات ، ويتسابقون الى الطاعات ، ويسارعون الى المكرمات ، فكل منهم يود أن يسبق أخاه
__________________
(١) كتابي : «رجال صدقوا» صفحة ٥٠ نشر دار الهلال. سنة ١٩٧٦.