وأساس السلوك والسير الى الله تعالى ثلاث فضائل ، هي الحب والخوف والرجاء ، لانها هي التي تحث على عمارة وقت الانسان بما هو الاولى بصاحبه والانفع له ، ولذلك قال العلماء انها قطب رحى العبودية ، وعليها دارت رحى الاعمال ، وقد جمع الله عز شأنه هذه الامور الثلاثة في قوله :
«أُولئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخافُونَ عَذابَهُ إِنَّ عَذابَ رَبِّكَ كانَ مَحْذُوراً» (١).
وقد تحدث الامام السلفي ابن قيم الجوزية في كتابه الجليل «مدارج السالكين» عن فضيلة السلوك في أكثر من موطن ، وقد أشار أولا ما يفيد أن تمام السلوك يتحقق بأن يربط الله تعالى على قلب العبد السالك اليه ، وقد ذكر الحديث الصحيح الذي يقول : «ثلاث من كن فيه وجد حلاوة الايمان : أن يكون الله ورسوله أحب اليه مما سواهما ، وأن يحب المرء لا يحبه الا لله ، وأن يكره أن يعود في الكفر ـ بعد اذ أنقذه الله منه ـ كما يكره أن يقذف في النار» وذكر الآية الكريمة من سورة الكهف :
«وَرَبَطْنا عَلى قُلُوبِهِمْ إِذْ قامُوا فَقالُوا رَبُّنا رَبُّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ لَنْ نَدْعُوَا مِنْ دُونِهِ إِلهاً لَقَدْ قُلْنا إِذاً شَطَطاً» (٢).
فهؤلاء الذين قيل فيهم ذلك كانوا بين قومهم الكفار ، في خدمة
__________________
(١) سورة الاسراء ، الآية ٥٧.
(٢) سورة الكهف ، الآية ١٤.