قلبه ، وتصير الفترة غير قاطعة له. بل تكون نعمة عليه ، وراحة له ، وترويحا وتنفيسا عنه. فهمة المحب اذا تعلقت روحه بحبيبه ، عاكفا على مزيد محبته ، وأسباب قوتها. فهو يعمل على هذا. ثم يترقى منه الى طلب محبة حبيبه له. فيعمل على حصول ذلك. ولا يعدم الطلب الاول ، ولا يفارقه البتة. بل يندرج في هذا الطلب الثاني. فتتعلق همته بالامرين جميعا. فانه انما يحصل له منزلة «كنت سمعه الذي يسمع به ، وبصره الذي يبصر به» بهذا الامر الثاني ، وهو كونه محبوبا لحبيبه. كما قال في الحديث «فاذا أحببته كنت سمعه وبصره الخ» فهو يتقرب الى ربه ، حفظا لمحبته له ، واستدعاء لمحبة ربه له. فحينئذ يشد مئزر الجد في طلب محبة حبيبه له بأنواع التقرب اليه ، فقلبه : للمحبة والانابة والتوكل ، والخوف والرجاء. ولسانه : للذكر وتلاوة كلام حبيبه. وجوارحه : للطاعات. فهو لا يفتر عن التقرب من حبيبه.
وهذا هو السير المفضي الى هذه الغاية التي لا تنال الا به. ولا يتوصل اليها الا من هذا الباب ، وهذه الطريق. وحينئذ تجمع له في سيره جميع متفرقات السلوك : من الحضور ، والهيبة ، والمراقبة ، ونفي الخواطر ، وتخلية الباطن».
* * *
وقد جاءت مادة السلوك في السنة النبوية المطهرة ، فمن ذلك قوله صلىاللهعليهوسلم كما روى البخاري : «من سلك طريقا يطلب به علما سهل الله له طريقا من طرق الجنة» وذلك لان العلم الصحيح يوفق للاعمال الصالحة الموصلة الى الجنة ، وطلب العلم من اسباب الوصول الى الجنة.
وهناك حديث خاطب به الرسول عمر بن الخطاب ، وفي هذا الحديث رمز الى أن عمر رضي الله عنه كان من خيرة المتجملين بفضيلة السلوك الى