ربهم ، والاستقامة على طريق عبادتهم ، ولذلك كان يفر منه الشيطان ، ومعنى هذا أنه لا يوسوس اليه ولا يضله عن سواء السبيل ، فذلك قوله صلوات الله وسلامه عليه : «يا عمر ، ما لقيك الشيطان سالكا فجا الا سلك فجا غيره».
كما ان الرسول عليه الصلاة والسّلام قد أثنى على الانصار بما يفيد أنهم سلكوا الصراط المستقيم في مسيرتهم وتصرفاتهم ، حتى أصبحوا قدوة تحتذى بين الناس ، فقال عليه الصلاة والسّلام : «لو سلكت الانصار واديا أو شعبا لسلكت وادي الانصار أو شعبهم» وأورد البخاري مع هذه الرواية رواية أخرى تقول : «لو أن الانصار سلكوا واديا أو شعبا لسلكت في وادي الانصار ، ولو لا الهجرة لكنت امرأ من الانصار» وقد أراد بذلك حسن موافقتهم ، وليس المراد ان يصير تابعا لهم صلوات الله وسلامه عليه ، والانصار هم الذين قال فيهم : «الانصار لا يحبهم الا مؤمن ، ولا يبغضهم الا منافق ، فمن أحبهم أحبه الله ومن أبغضهم أبغضه الله».
وفي بعض الاحاديث النبوية أفهمنا سيدنا رسول الله عليه الصلاة والسّلام أن السلوك قد يكون سيرا حسيا ، وقد يكون سريانا روحيا ، وقد يكون جولانا فكريا ، وقد يشير الى بعض هذا قوله عليه الصلاة والسّلام لمن كانوا يصحبونه في الجهاد : «ان قوما خلفنا بالمدينة ما سلكنا شعبا ولا واديا الا وهم معنا ، حبسهم العذر».
فقوله عليه الصلاة والسّلام : «الا وهم معنا» قد نفهم منه أن هذه المعية الروحية القلبية نوع كريم من تعلق همم هؤلاء المحبوسين واتجاه أفكارهم وقلوبهم نحو خطوات هؤلاء المجاهدين في سبيل الله ، فهم لا يخطون خطوة في جهادهم ، ولا يسلكون طريقا ولا واديا الا وكان هؤلاء المحبوسون سالكين مع أولئك المجاهدين.