مفتعل من الصفوة ، وهي خلاصة الشيء ، وتصفيته مما يشوبه ، ومنه ، اصطفى الشيء لنفسه أي خلصه من شوب شركة غيره فيه ، لأن الشيء الصافي هو الخالص من كدر سواه.
وينبغي أن نلاحظ الارتباط بين الصفاء والاصطفاء ، فمن صفا وطهر وخلص لربه فقد تقبله واختاره واصطفاه ، ومن المواطن التي جاء فيها ذكر هذه الفضيلة قول الله تبارك وتعالى :
«وَاذْكُرْ عِبادَنا إِبْراهِيمَ وَإِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ أُولِي الْأَيْدِي وَالْأَبْصارِ ، إِنَّا أَخْلَصْناهُمْ بِخالِصَةٍ ذِكْرَى الدَّارِ ، وَإِنَّهُمْ عِنْدَنا لَمِنَ الْمُصْطَفَيْنَ الْأَخْيارِ» (١).
يقول تعالى مخبرا عن فضائل عباده المرسلين وأنبيائه العابدين : واذكر عبادنا ابراهيم واسحاق ويعقوب أولي الايدي والابصار ، يعني بذلك العمل الصالح والعلم النافع والقوة في العبادة ، والبصيرة النافذة. أولي الايدي والابصار ، أي أصحاب القوة والعبادة والفقه في الدين والبصر في الحق. قال قتادة : أعطوا قوة في العبادة وبصرا في الدين. انا أخلصناهم بخالصة ذكرى الدار ، أي جعلناهم يعملون للآخرة ، ليس لهم هم سواها ، وكما قال مالك بن دينار : نزع الله من قلوبهم حب الدنيا وذكرها ، وأخلصهم بحب الآخرة وذكرها ، وهم يقومون بتذكير الناس الدار الآخرة والعمل لها. وانهم عندنا لمن المصطفين الاخيار أي من المختارين المجتبين الاخيار ، فهم أخيار مختارون.
وقد جاء في تفسير «ظلال القرآن» أن الله سبحانه يصف ابراهيم
__________________
(١) سورة ص ، الآية ٤٥ ـ ٤٧.