واسحاق ويعقوب بأنهم أصحاب الايدي والابصار ، وهذا كناية عن العمل الصالح بالايدي والنظر الصائب أو الفكر السديد بالابصار ، وكأن من لا يعمل صالحا لا يد له ، ومن لا يفكر تفكيرا سليما لا عقل له ، أو لا نظر له.
ويذكر من صفتهم التكريمية أن الله أخلصهم بصفة خاصة ليذكروا الدار الآخرة ، ويتجردوا من كل شيء سواها ، فهذه ميزتهم ورفعتهم ، وهذه جعلتهم عند الله مختارين : «وانهم عندنا لمن المصطفين الاخيار».
ويقول الله تعالى في سورة فاطر :
«ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنا مِنْ عِبادِنا فَمِنْهُمْ ظالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سابِقٌ بِالْخَيْراتِ بِإِذْنِ اللهِ ذلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ ، جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَها يُحَلَّوْنَ فِيها مِنْ أَساوِرَ مِنْ ذَهَبٍ وَلُؤْلُؤاً وَلِباسُهُمْ فِيها حَرِيرٌ» (١).
جاء في تفسير الرازي أنه اتفق أكثر المفسرين على أن المراد بالكتاب هنا هو القرآن ، وعلى هذا فالذين اصطفيناهم هم الذين أخذوا بالكتاب ، وهم المؤمنون والظالم والمقتصد كلهم منهم ، ويدل عليه قوله تعالى : «جنات عدن يدخلونها» فقد أخبر بدخولهم الجنة ، وكلمة «ثم أورثنا» أيضا تدل عليه ، لان الايراث اذا كان بعد الايحاء ، ولا كتاب بعد القرآن ، فهو الموروث ، والايراث المراد منه الاعطاء ، والمعنى : انا اعطينا الكتاب الذين اصطفينا ، وقد افترق الذين أخذوا هذا الكتاب ، فمنهم ظالم وهو
__________________
(١) سورة فاطر ، الآية ٣٢ و ٣٣.