لمسيء ، ومقتصد وهو الذي خلط عملا صالحا وآخر سيئا ، وسابق الخيرات وهو الذي أخلص العمل لله ، وجرده عن السيئات.
وقد قسم العلماء الصفاء الى ثلاث درجات ، فهناك صفاء مهذب سلوك الطريق ، وهو العلم الصافي الذي جاء به النبي صلىاللهعليهوسلم ، وهو علم مقيد بالكتاب والسنة ، وهما اللذان تجب متابعتهما ، وملازمة ما سلكه الاولون من التقيد بهما ، وترك ما أحدثه الآخرون ، فهذا ـ كما يقول ابن القيم ـ هو العلم الصافي المتلقى من مشكاة النبوة والوحي ، يهذب صاحبه لسلوك طريق العبودية ، وحقيقتها التأدب بآداب رسول الله صلىاللهعليهوسلم باطنا وظاهرا ، وتحكيمه ظاهرا وباطنا ، والوقوف معه حيث وقف بك ، والمسير معه حيث سار بك ، لأنه قد ألقيت اليه أمرك كله ، واقتديت به في جميع أحوالك ، فأنت خالص له ، وأنت مثال الصفاء معه ، ترضى لرضاه ، وتغضب لغضبه.
والدرجة الثانية من درجات الصفاء يسمونها صفة الحال ، والحال ثمرة العلم ، ولا يصفو الحال الا بصفاء العلم ، واذا صفا العلم والحال تحققت للانسان فضيلة الصفاء ، وفي هذه الدرجة يذوق الانسان حلاوة المناجاة ، «واذا صفا الحال شاهد العهد بصفائه آثار الحقائق ، وهي الشواهد فيه وفي غيره وعليه وعلى غيره ، ووجد حلاوة المناجاة». لأنه متى صفا له حاله من الشوائب خلصت له حلاوته من مرارة الاكدار ، يذاق تلك الحلاوة في حال مناجاته فلو لم يكن الحال صافيا ، وكان مشوبا مكدرا لم يجد حلاوة المناجاة.
الدرجة الثالثة صفاء الاتصال ، أي اتصال العبد بربه ، ووصوله اليه جل وعلا حيث يزيل العبد بتوفيق ربه من طريق السير الى خالقه عوائق النفس والناس ، يقول في ذلك ابن القيم : «فان السالك لا يزال سائرا الى الله تعالى حتى يموت ، فلا ينقطع سيره الا بالموت ، فليس في هذه الحياة وصول يفرغ معه السير وينتهي ، وليس ثمة اتصال حسي بين ذات