وهذا تنزيل ربنا المجيد يحبب في المغفرة والصفح والعفو ، وعدم مقابلة السيئة بمثلها ، فيقول في سورة النور :
«وَلا يَأْتَلِ أُولُوا الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ أَنْ يُؤْتُوا أُولِي الْقُرْبى وَالْمَساكِينَ وَالْمُهاجِرِينَ فِي سَبِيلِ اللهِ وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللهُ لَكُمْ ، وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ» (١).
أي لا يحلف أصحاب الفضل منكم ، وأهل الاحسان والقدرة أن يوتوا الاقارب والمحتاجين ، أي لا تحلفوا أن لا تصلوا قراباتكم المساكين والمهاجرين ، وليعفوا وليصفحوا عما تقدم منهم من الاساءة والاذى ، وقيل ان هذه الآية نزلت في شأن أبي بكر الصديق حيث حلف أن لا ينفع مسطح ابن أثاثة بمعونة بعد أن قال في الصديقة عائشة ما قال من حديث الافك ، فلما نزلت براءة أم المؤمنين ، شرع الله تبارك وتعالى يعطف الصديق على قريبه ، وكان الصديق معروفا بالعطاء والفضل ، فتأثر أبو بكر عندما سمع قوله تعالى : «ألا تحبون أن يغفر الله لكم ، والله غفور رحيم» فقال : بلى والله انا نحب يا ربنا أن تغفر لنا. ثم عاد أبو بكر الى مساعدة مسطح ومعاونته ، وبمثل هذا كان الصديق هو الصديق.
ويقول الله تعالى :
«وَلا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ، ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَداوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ ،
__________________
(١) سورة النور ، الآية ٢٢.