وَما يُلَقَّاها إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَما يُلَقَّاها إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ» (١).
أي هناك فرق عظيم بين جمال الحسنة وقبح السيئة ، فادفع من أساء اليك بالاحسان اليه ، فقد قال عمر : ما عاقبت من عصى الله فيك بمثل أن تطيع الله فيه. فاذا أحسنت الى من أساء اليك قادته تلك الحسنة الى مصافاتك ومحبتك والحنو عليك ، حتى يصير كأنه صديق قريب اليك.
وما يقبل هذه الوصية ويعمل بها الا من صبر على ذلك ، فانه يشق على النفوس ، وما يتحلى بهذه الفضيلة الا ذو نصيب وافر من السعادة في الدنيا والآخرة ، ولذلك أمر الله المؤمنين بالصبر عند الغضب ، والحلم عند الجهل ، والعفو عند الاساءة ، فاذا فعلوا ذلك عصمهم الله من الشيطان ، وخضع لهم عدوهم كأنه صديق حميم.
وقد أكد القرآن المجيد هذا المعنى ، ففي سورة الاعراف يقول :
«خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجاهِلِينَ ، وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللهِ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ» (٢).
وفي سورة المؤمنون :
«ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ السَّيِّئَةَ نَحْنُ أَعْلَمُ بِما يَصِفُونَ ، وَقُلْ رَبِّ أَعُوذُ بِكَ مِنْ هَمَزاتِ الشَّياطِينِ ، وَأَعُوذُ بِكَ رَبِّ أَنْ يَحْضُرُونِ» (٣).
__________________
(١) سورة فصلت ، الآية ٣٤ و ٣٥.
(٢) سورة الاعراف ، الآية ١٩٩ و ٢٠٠.
(٣) سورة المؤمنون ، الآية ٩٦ ـ ٩٨.