فقد جعل المؤمن حيا متبصرا ، وجعل الكافر ميتا ضال القلب.
وقد أكد الله جل جلاله هذا المثل في سورة الانعام فقال :
«قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الْأَعْمى وَالْبَصِيرُ أَفَلا تَتَفَكَّرُونَ» (١).
والمعنى كما يقول أهل التفسير : قل يا أيها النبي لهؤلاء الضالين المشركين : هل يستوي أعمى البصيرة الضال عن الصراط المستقيم الذي أدعوكم اليه ، فلا يميز بين التوحيد والشرك ، ويتصرف بضلال وجهالة ، وصاحب البصيرة المهتدي الى الحق ، المستقيم في مسيرته عليه ، المتبصر في أموره على بينة وبرهان ، مما يجعل القلب يرى أوضح من رؤية العين ، فكما أن أعمى العينين وبصيرهما لا يستويان ، لا يستوي صاحب القلب الاعمى وصاحب القلب البصير.
وكم من رجل يكون أعمى العينين ، ولكن قلبه مبصر ، فهو به من أعلم العلماء وأهدى الفضلاء ، وكم من بصير العينين وبصره فيهما حديد ، ولكنه أعمى القلب فهو أضل من الانعام والبهائم ، ولذلك قال القرآن مقرعا لهم : «أفلا تتفكرون» : أفلا تتفكرون في ذلك فتميزوا بين ضلالة الشرك وهداية الاسلام ، وتعقل حجة الرسالة الاسلامية بما في هذا القرآن من أنواع الهداية والعرفان.
وقد تكررت دعوة أصحاب العقول النيرة والقلوب الحية الى التبصر والاعتبار ، فقال تبارك وتعالى في سورة آل عمران :
«إِنَّ فِي ذلِكَ لَعِبْرَةً لِأُولِي الْأَبْصارِ» (٢).
__________________
(١) سورة الانعام ، الآية ٥٠.
(٢) سورة آل عمران ، الآية ١٣.