أي لأصحاب الابصار الصحيحة التي استخدمت فيما خلقت لأجله ، من التأمل في الامور بقصد الاستفادة منها ، وقيل ان الابصار هنا بمعنى البصائر والعقول ، ولذلك قيل ان المعنى في قوله تعالى في سورة الحشر :
«فَاعْتَبِرُوا يا أُولِي الْأَبْصارِ» (١).
هو : اتعظوا يا أصحاب العقول والالباب.
والتبصر فضيلة تحلّى بها الانبياء ، وعلى رأسهم امامهم محمد ، عليه وعليهم الصلاة والسّلام ، فالله تعالى يقول له في سورة يوسف : «قُلْ هذِهِ سَبِيلِي أَدْعُوا إِلَى اللهِ عَلى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحانَ اللهِ وَما أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ» : أي أدعو الى طريق ربي على معرفة وعلم ، وتحقق وتبصر.
والقرآن الكريم يذكر الانسان بأن تبصره لفائدته ومصلحته ، لأنه سيكون حجة على نفسه ، فاذا لم يثمر التبصر عنده استقامة وهداية انتهى الى شر المعاطب ، يقول القرآن في سورة القيامة :
«بَلِ الْإِنْسانُ عَلى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ ، وَلَوْ أَلْقى مَعاذِيرَهُ» (٢).
وينفر القرآن تنفيرا رادعا من ترك التبصر في الامور والتدبر للاشياء ، فيقول في سورة الأعراف :
«وَلَقَدْ ذَرَأْنا لِجَهَنَّمَ كَثِيراً مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ ، لَهُمْ قُلُوبٌ لا يَفْقَهُونَ بِها ، وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لا يُبْصِرُونَ بِها ، وَلَهُمْ آذانٌ لا يَسْمَعُونَ بِها ، أُولئِكَ كَالْأَنْعامِ بَلْ هُمْ
__________________
(١) سورة الحشر ، الآية ٢.
(٢) سورة القيامة ، الآية ١٤.