أَضَلُّ ، أُولئِكَ هُمُ الْغافِلُونَ» (١).
أي لقد خلقنا كثيرا من أهل النار لهم قلوب لا يعقلون بها شيئا ، ولهم أبصار لا يتبصرون بها ، وأسماع لا ينصتون بها ، وهم لا يتوجهون الى التأمل والتفكر فيما يشاهدون من آيات الله تبارك وتعالى ، وفيما يسمعون من آيات الله المنزلة على رسله ، ومن أخبار التاريخ الدالة على سنن الله عزوجل في خلقه ، ليهتدوا الى السعادة في الدنيا والآخرة ، نتيجة لتبصرهم وتدبرهم.
ويقول القرآن عن المشركين :
«وَإِنْ تَدْعُوهُمْ إِلَى الْهُدى لا يَسْمَعُوا وَتَراهُمْ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ وَهُمْ لا يُبْصِرُونَ» (٢).
أي ان الذين حرمهم الله تعالى نعمة التبصر في الامور يصيرون كالعميان لا ينتفعون بأبصارهم ، ولو أنهم تبصروا بقلوبهم وتعقلوا ببصائرهم ، لما ضرهم فقدان البصر ، وفي هذا المجال يوضح «تفسير المنار» المراد من النص الكريم بما صورته تقريبا : إن تدعوا أيها المؤمنون هؤلاء الضالين من المشركين ، الذين لم يعقلوا هذه الحجج والبراهين ، الى طريق الله ودينه وتوحيده ، لا يسمعوا دعاءكم بفهم أو اعتبار ، ولا يتحركون الى نظر أو استبصار ، وتراهم أيها النبي ، ينظرون اليك شاخصين ، دون أن يبصروا ما آتاك الله من سمت الجلال والوقار الذي يمتاز به صاحب البصيرة بين أهل الجد والصدق والحق ، والتاريخ يروي أن بعض ذوي الفطرة السليمة ينظر الى رسول الله عليه الصلاة والسّلام ، فيعرف من
__________________
(١) سورة الاعراف ، الآية ١٧٩.
(٢) سورة الاعراف ، الآية ١٩٨.