أمر جامع ـ من خطبة أو جهاد أو رباط ـ لم يذهب احد منهم مذهبا في حاجته حتى يستأذنه ، كما قال تعالى في سورة النور :
«إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ وَإِذا كانُوا مَعَهُ عَلى أَمْرٍ جامِعٍ لَمْ يَذْهَبُوا حَتَّى يَسْتَأْذِنُوهُ» (١).
ومن الادب مع رسول الله أن لا نستشكل قوله ، بل نستشكل الآراء المقولة ، ولا نعارض نصه بقياس ، ولا يحرف كلامه عن حقيقته لخيال يسميه أصحابه معقولا.
وأما أدب الانسان مع الخلق فهو معاملتهم على اختلاف مراتبهم بما يليق بهم ، فلكل مرتبة أدب ، فمع الوالدين أدب خاص ، ومع العالم أدب آخر ومع السلطان أدب يليق به ، ومع الاقران أدب يليق بهم ومع الاجانب أدب غير أدبه مع اصحابه ، ومع الضيف أدب غير أدبه مع أهل بيته ، وهكذا ...
والمثل الاعلى في الادب مع الله هو مقام رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، الذي قال له ربه حين أراه ما أراه :
«ما زاغَ الْبَصَرُ وَما طَغى» (٢).
فهذا كما يشير صاحب «مدارج السالكين» الى أدبه عليه الصلاة والسّلام في ذلك المقام ، اذ لم يلتفت جانبا ولا تجاوز ما رآه ، وهذا كمال الادب ، والاخلال بهذا الكمال هو أن يلتفت الناظر عن يمينه أو شماله ويتطلع أمام المنظور ، فالالتفات ـ كما نفهم عن ابن تيمية ـ زيغ ، والتطلع
__________________
(١) سورة النور ، الآية ٦٢.
(٢) سورة النجم ، الآية ١٧.