ولم يقل الغفور الرحيم ، وهذا من أبلغ الادب مع الله تعالى ، فانه قال ذلك في وقت غضب الله عليهم ، والامر بهم الى النار ، فليس هذا مقام استعطاف ولا شفاعة ، والمعنى : ان غفرت لهم فمغفرتك تكون عن كمال القدرة والعلم ، ليست عن عجز عن الانتقام منهم ، ولا عن خفاء عليك بمقدار جرائمهم.
وانظر الى أدب ابراهيم حين يقول عن ربه :
«الَّذِي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِ ، وَالَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِ ، وَإِذا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ» (١).
ولم يقل اذا أمرضني ، حفظا للادب مع الله.
وكذلك قول الخضر عليهالسلام في السفينة :
«فَأَرَدْتُ أَنْ أَعِيبَها» (٢).
ولم يقل فأراد ربك أن أعيبها.
وهذا موسى عليهالسلام يتلطف متأدبا مع ربه فيقول «رَبِّ إِنِّي لِما أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ» (٣)
ولم يقل أطعمني.
وقول آدم عليهالسلام :
__________________
(١) سورة الشعراء ، الآية ٧٨ ـ ٨٠.
(٢) سورة الكهف ، الآية ٨٠.
(٣) سورة القصص ، الآية ٢٤.