سنعرف في أدب الاستئذان العام ، وأمرهم بالاستئذان عند انصرافهم من مجلس الرسول صلوات الله وسلامه عليه ، اذا كانوا معه في أمر جامع كصلاة جمعة أو جماعة أو عيد أو اجتماع كمشورة ونحو ذلك ، أمرهم تعالى أن لا ينصرفوا عنه والحالة هذه الا بعد استئذانه ومشاورته ، وان من يفعل ذلك فهو من المؤمنين الكاملين ، ثم أمر الله رسوله اذا استأذنه أحد منهم في ذلك أن يأذن له ان شاء ، وقد روي عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قوله : «اذا انتهى أحدكم الى المجلس فليسلم ، فاذا أراد أن يقوم فليسلم ، فليست الاولى بأحق من الآخرة».
«وفي ظلال القرآن» أن المؤمنين الصادقين اذا كانوا مع رسولهم في أمر مهم يقتضي اشتراك الجماعة فيه لرأي أو حرب أو عمل عام لا ينصرفون الا بعد استئذانهم من امامهم ، وهؤلاء الذين يؤمنون هذا الايمان ، ويلتزمون هذا الادب ، لا يستأذنون الا وهم مضطرون ، فلم من ايمانهم وأدبهم عاصم ان لا يتخلوا عن الامر الجامع الذي يشغل بال الجماعة ، ويستدعي تجمعها له ، والله يدع الامر بيد الرسول فان أذن ، وان شاء لم يأذن ، لأنه قد تكون هناك ضرورة ملحة ، يترك القرآن تقديرها لقائد الجماعة ، ليوازن بين البقاء أو الانصراف ، ومع هذا يشير القرآن الى أن عدم الانصراف هو الاولى ، وان الاستئذان والذهاب فيهما تقصير أو قصور يقتضي استغفار النبي للمعتذرين :
«وَاسْتَغْفِرْ لَهُمُ اللهَ إِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ» (١).
وفي سورة النور يقول الله تعالى عن أدب الاستئذان :
«يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَدْخُلُوا بُيُوتاً غَيْرَ بُيُوتِكُمْ
__________________
(١) سورة النور ، الآية ٦٢.