يقول الله تعالى في الآية : «فلا تتبعوا الهوى أن تعدلوا» أي فلا يحملنكم الهوى والعصبية على ترك العدل في أموركم وشؤونكم ، بل الزموا العدل على أي حال كان ، كما قال الله تعالى : «ولا يجرمنكم شنآن قوم على أن لا تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوى».
ومن هذا القبيل قول عبد الله بن رواحة حينما بعثه النبي صلىاللهعليهوآله ليقدر على أهل خيبر ثمارهم وزروعهم ، فأرادوا رشوته ليرفق بهم ، فقال لهم : والله لقد جئتكم من عند أحب الخلق الي ، ولأنتم أبغض الي من أعدائكم من القردة والخنازير ، وما يحملني حبي اياه وبغضي لكم على ألا أعدل فيكم. فقالوا : بهذا قامت السماوات والارض.
ويقول القرآن في سورة الاعراف :
«وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آتَيْناهُ آياتِنا فَانْسَلَخَ مِنْها فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطانُ فَكانَ مِنَ الْغاوِينَ ، وَلَوْ شِئْنا لَرَفَعْناهُ بِها وَلكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الْأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَواهُ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِنْ تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَثْ ذلِكَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ» (١).
روي ان هذا النص أريد به أمية بن أبي الصلت ، فانه كان قد وصل اليه علم كثير من علم الشرائع المتقدمة ، ولكنه لم ينتفع به ، فقد أدرك زمان النبي صلىاللهعليهوسلم ، وبلغته آياته ومعجزاته ، وظهرت لكل من له بصيرة ، ومع هذا اجتمع به ولم يتبعه ، وسار الى موالاة المشركين ،
__________________
(١) سورة الاعراف ، الآية ١٧٤ و ١٧٥.