وامتدحهم ، وقد جاء عنه في بعض الاحاديث كما يذكر ابن كثير : «انه ممن آمن لسانه ، ولم يؤمن قلبه» فان له أشعارا فيها حكمة وفصاحة ، ولكن الله لم يشرح صدره للاسلام ، ولذلك شهر القرآن بمن استحوذ عليه الشيطان ، فجعله من الهالكين الخاسرين. ولو شاء لرفعه عن التلطخ بقاذورات الدنيا ، ولكنه أخلد الى الارض ، ومال الى زينة الحياة الدنيا ، فمثله كمثل الكلب ان حملت عليه لهث ، وان تركته بلا حمل عليه ظل في لهاثه ، لأنه لا ينتفع بالموعظة والدعوة الى الايمان ، فكذلك قلب الكافر والضال ، فهو ضعيف فارغ من الهدى ، وقلبه كثير الوجيب ، ولسانه مندلع على صدره ، وكذلك ساء مثل الكافرين ، فهم كالكلاب لا همة لها الا في تحصيل أكلة أو شهوة.
ويقول الله تبارك وتعالى في سورة «الجاثية» منفرا من اتباع الهوى حتى يتخذه إلهه من دون الله :
«أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلهَهُ هَواهُ وَأَضَلَّهُ اللهُ عَلى عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلى بَصَرِهِ غِشاوَةً فَمَنْ يَهْدِيهِ مِنْ بَعْدِ اللهِ أَفَلا تَذَكَّرُونَ» (١).
يشير النص الكريم الى الذي لم يسلك الطريق الى ربه ، فيأتمر بهواه ، ومهما رأى هذا الهوى حسنا فعله ، ولا يهوى شيئا الا عبده ، وأضله الله على علم ، أي أضله الله لعلمه أنه يستحق ذلك ، أو أضله الله بعد بلوغ العلم اليه ، وقيام الحجة عليه ، وختم على سمعه وقلبه ، وجعل على بصره غشاوة ، فلا يسمع ما ينفعه ، ولا يعي شيئا يهتدي به ، ولا يرى حجة يستضيء بها ، وهذه الضلالة قد غشيته عن طريق اتباعه للهوى ، وخضوعه
__________________
(١) سورة الجاثية ، الآية ٢٣.