يقول الله تعالى لنبيه عليه الصلاة والسّلام : قل لهؤلاء المشركين بربهم من قومك ، العادلين به الاوثان والانداد ، الذين يدعونك الى موافقتهم على دينهم وأوثانهم ، ان الله نهاني أن أعبد الذين تدعون من دونه ، فلن أتبعكم ، وان فعلت ذلك فقد تركت صراط الحق ، وتبعت طريق الضلال.
ويقول تعالى في سورة «البقرة» :
«وَلَنْ تَرْضى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلَا النَّصارى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ قُلْ إِنَّ هُدَى اللهِ هُوَ الْهُدى وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْواءَهُمْ بَعْدَ الَّذِي جاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ ما لَكَ مِنَ اللهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا نَصِيرٍ» (١).
أي ليس هؤلاء براضين عنك ، حتى تتبع ملتهم ودينهم وطريقتهم ، فلا تستمع اليهم ، ولا تستجب لأهوائهم ، فان هدى الله هو الهدى الحق ، والدين الصحيح الكامل. في حديث رسول الله : «لا تزال طائفة من أمتي يقتتلون على الحق ظاهرين ، لا يضرهم من خالفهم حتى يأتي أمر الله».
والله جل شأنه يعلم أن نبيه لا يتبع أهواء المشركين بحال من الاحوال ، وقد عصم من الزيغ والضلال ، انما جاء هذا الاسلوب ـ كما قال الامام محمد عبده ـ ليرشد من يأتي بعد النبي ممن يتبع سنته ويأخذ بهديه ، فهو يرشدنا بهذا التهديد العظيم ، الى الصدع بالحق ، والانتصار له ، وعدم المبالاة بمن يخالفه ، مهما كان قويا وشديدا ، وانه لتهديد ترتعد منه فرائص الذين يخشون ربهم ، ولا سيما اذا أنسوا من أنفسهم ضعفا في الحق ، فمن عرف الحق ، لا يخاف في تأييده لومة لائم.
__________________
(١) سورة البقرة ، الآية ١٢٠.